بؤرة صغيرة تملأ بمادة سوداء لتمثيل إنسان العين ولم تختلف التماثيل عن النقوش في خضوعها لقانون الاتجاهات المستقيمة؛ أي أن التماثيل والنقوش المصرية كانت تعوزها الحركة؛ بينما كانت التماثيل اليونانية كأنها صورة أخذت من فيلم سينمائي، ورغم هذا فإن المتأمل في كلا الفنين المصري واليوناني يجد أن الأول يشعر بالوقار والعظمة والخلود، أما الثاني فيشعر الإنسان بالحياة كما هي، ويمكن تلخيص هذا في أن الفنان المصري أراد تمثيل الحياة كما ينبغي أن تكون بينما أراد الفنان اليوناني أن يصور الحياة الطبيعية كما هي.

ولا شك أن الفنان في مصر لم يصل إلى غاية فنه دفعة واحدة أي أن صناعة التماثيل مثلًا لم تكتمل منذ بداية العصور؛ فالمحاولات الأولى تبين أن الفنان حتى عصر الأسرة الأولى لم يستطع أن يصور إنسانًا خاصًّا؛ بل صور مجرد إنسان يمكن تمييزه عن الكائنات الأخرى، وفي عصر الأسرة الثانية تقدمت صناعة التماثيل؛ ولكن إذا ما نظرنا إلى أي تمثال فإننا نجد أن المادة المصنوع منها التمثال تسترعي انتباهنا أكثر من الانتباه الذي نوجهه إلى الإنسان المصنوع له التمثال، أي أن المادة نفسها التي صنع منها التمثال كانت تتغلب على الفكرة، وفي آخر عهد هذه الأسرة قربت الفكرة أكثر من ذي قبل أي: بدأ التمثال يسترعي انتباهنا كممثل لشخص معين، ومنذ ذلك الحين ارتقت صناعة التماثيل واكتملت الأصول الفنية؛ ولكن كان لكل عصر مميزاته الخاصة كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإذا ما أخذنا تماثيل الملوك فإننا نجدها في الدولة القديمة تتميز بالوقار والعظمة وتشعر الرائي بأنه أمام قطعة تمثل شخصية لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015