كما أن الأشياء البعيدة تبدو أصغر حجمًا؛ إلا أنه راعى في نقوشه وصوره أن يمثل الأشياء على حقيقتها وعلى أوضح ما تكون دون اعتبار لما يظهر أو يختفي منها لعين الرائي، وربما كان مرجع هذا إلى اهتمام المصري بعقيدة البعث وبأن تلك الأشياء المرسومة تتحول إلى أشياء حقيقية عند تلاوة التعاويذ أو عند البعث؛ ولذلك حتمت التقاليد أن تكون هذه الصور أقرب إلى أصلها الحقيقي؛ فإذا أراد المصري أن يرسم مثلًا مائدة قرابين وعليها بعض المأكولات؛ فإنه كان يمثل تلك المأكولات كاملة على المائدة، وإذا ما كانت مما يوضع في أواني؛ فإن الآنية كانت ترسم بحيث تظهر محتوياتها فوقها أو في داخلها دون مراعاة لعدم شفافية الإناء ودون مراعاة لقواعد الرسم؛ كذلك كان من الأصول المرعية أن يكون أهم الأشكال في المنظر أكبرها حجمًا ويتمثل هذا بصفة خاصة في رسوم الأفراد؛ إذ كان الشخص المهم يبين في حجم أكبر ممن عداه من أشخاص آخرين في نفس المنظر كصورة الملك أو النبيل مع أفراد عائلته أو بعض رجال حاشيته "شكل 23".

وقد تنوعت موضوعات النقوش والرسوم، وتناولت أغراضًا شتى؛ فرسم المصري كل ما تمثله في حياته وكان لكل عصر طراز فني خاص رغم أن الفنانين التزموا قواعد الفن التي سبقت الإشارة إليها في كل العصور. وكانت طريقة العمل في النقش تماثل ذلك إلى حد كبير ففي الرسوم كانوا يبدءون برسم الأشكال بتفاصيلها ثم يلونونها بالألوان المختلفة ولكن النقش كان يتميز عن الرسم بمرحلة متوسطة إذ كانت الأشكال المرسومة تحفر غائرة أو بارزة قبل تلوينها أي أن النقش كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015