وينبغي على المفتي أن يعرف أحوال السائلين وملابسات أسئلتهم، فإن بعض الفتاوَى تتأثر بمن يسأل، وتتأثر بمن يستفهم، فينبغي أن يكون الإنسان على بصيرة.

وقد يكون الغرض من السؤال الفتنة، فإن السائل قد يسألك عن مسألة تعلم أنه قد خالفك فيها شيخ فاضل وليس مراده جوابك، ولكن مراده الطعن في الشيخ الذي خالفك.

ومن هنا أنبّه على مسالة ينبغي أن يتفطّن لها طلاب العلم. إذا جاءك رجل وقال لك: الشيخ فلان يفتي بكذا وكذا، أنت تفتي بماذا؟ أو الشيخ يرى كذا وكذا، أنت ترى ماذا؟. إياك أن تجيبه حتى يتأدب؛ لأنه ربما كان الحق معك، فتخطئ هذا العالم، فتنزل مكانته عند الناس بسبب تخطئتك له، ولذلك قل له: لا تسألني عن فتوى عالم بعينه، ولكن سلني عن المسالة؛ لأنه لو كان يريد الحق لسألك عن المسالة دون ذكر أحد من العلماء، لكن كونه يقول: فلان أفتى، بِمَ تفتي؟ فهو يريد أحدكما، إما أن يريدك أو يريده، فإن كان العالم الذي سأل عنه مشهوراً معروفاً بالفضل فهو يريدك، وإن كان الذي سأل عنه عدوّاً له أو يكرهه أو يشنّع عليه المسائل فهو يريد من سأل عن فتواه.. فعليك أن تكون حذراً لبيباً.

ومن مراعاة حال المستفتي: الإشفاق والترفق بالسائل. مثال ذلك: لو جاءك رجل يسألك عن طلاق، ويغلب على ظنك أنك لو أفتيته أنه يصاب في نفسه، وهذا يقع، فإن الرجل يأتيك متوتر الأعصاب، شارد الذهن، مضطرباً في نفسه، قال كلمة لزوجته، لو قلت له: حكمها كذا، أو هي طالق، ربما يغشى عليه، وربما يصيبه مرض في عقله، ويترتب عليها من الخطر على السائل ما الله به عليم.. وهذا معروف.

قالوا: الحكمة أن تترفق به، تقول له: اسأل فلاناً، يقول: أفتني، تقول له: لعله أو يمكن أن يكون فيها طلاق، أو يحتمل أنها لا تطلق، تمهد له، لا تقل له مباشرة: طلقت عليك امرأتك، لكن تعطيه نوعاً من التخفيف عليه، فهذا من النصح لعامة المسلمين والترفق بهم في الفتوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015