قاتقِ الله في هذا اللسان، كم من طالب علم يفضي إلى غرفته، أو إلى مجلسه، أو إلى منامه وقد غضب الله عليه بكلمة قالها في آخر، بل إن بعض أهل العلم -رحمهم الله- سمع رجلاً يتكلم في عالم من العلماء، فقال له: والله إني أخشى عليك سوء الخاتمة، وكان هذا الطالب يتتبع عورات العلماء، يقول هذا الرجل الذي ينقل لي القصة: والله لقد رأيت بعيني حالة موته، كانت على سوء والعياذ بالله، وهو من طلاب العلم، ولذلك الغريب أن الله عز وجل قد يمهل العبد، ثم ينتقم بالذنب الواحد ولو بعد سنوات، حتى إن بعض السلف، وهو محمد بن سيرين رحمه الله أصابته ديون في آخر عمره، فقال: إني أعرف الذنب الذي أصبته، وأوجب لي هذا، قلتُ لرجل قبل أربعين سنة: يا مفلس، فابتلاني الله بالدين، قبل أربعين سنة ما تركها الله عز وجل له؛ لأنها في حق مسلم. بعض طلاب العلم يشتكي، يقول: لا أجد الخشوع، أسمع الآيات لا تؤثر في قلبي، وأسمع العظات لا تؤثر في قلبي، وأسمع كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا أجد له أثراً، لماذا؟ بسبب هذه الذنوب، فإن اللعنة إذا أصابت صحابها حرمته من رحمة الله والعياذ بالله، وذلك قول الله تعالى: ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) [محمد:23] ، ولذلك استنبط بعض العلماء من هذه الآية أن كل ذنب فيه لعنة، إذا أصيب بها صاحبها لا ينتفع بموعظة، ولا ينتفع بعبرة، يعني لا يعتبر ببصره، ولا يعتبر بسمعه، نسأل الله السلامة والعافية، فاتقِ الله يا طالب العلم، اتقِ الله أن تصيبك لعنة بسبب الكلام في عالم من العلماء، أو في داعية إلى الله، أو في طالب علم، بل ينبغي أن يكون عندك ورع وخوف من الله عز وجل، وإذا -لا قدّر الله- بُلي طالب العلم بشيء من ذلك، فإنه ينبغي عليه أن يبادر بالتوبة، فمن تاب، تاب الله عليه.