فهناك أساليب ينبغي على طالب العلم أن يسلكها في السؤال لأهل العلم: كإشعار العالِم بعلمه، ومخاطبته بخطاب أهل الإجلال والتوقير، قبل طرح سؤاله، فلا يأتي الإنسان مباشرة إذا كان مع العلماء ونحوهم، من كبار السن والأئمة الذين عُرف فضلهم، أو في مجمع من الناس، ويقول: ما حكم كذا وكذا ... ؟!
ولكن يقول: يا شيخ.. أو يا إمام.. أحسن الله إليك.. يخاطبه بالإجلال، ويخاطبه بالتوقير قبل أن يسأله.
إن المعلم والطبيب كليهما ... لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاقنع بدائك إن جَفَوْت طبيبه ... واقنعْ بجهلكَ إن جفوتَ مُعَلِّما
العالم حينما يرى من طالب العلم الأدبَ والإكرام والإجلال يقبل عليه بكليته؛ لأن الإنسان يُكرِم حين يُكرَم، ويُجِلّ حين يُجَلّ.
لا تقاطعه في حديثه، ولا تعترض على ذلك الحديث حتى يقضي حديثه، وإذا أردت السؤال، بحثت عن الأمر الذي يليق السؤال عنه، فهناك مسائل لا يليق بطالب العلم السؤال عنها أمام العوام، وهناك مسائل للخواص، ومسائل بينك وبين العالم. ثلاث أنواع من المسائل:
النوع الأول: مسائل تصلح للعامة، وهي التي يعظم بها النفع لعامة الناس، فإذا جلست مع العالم، احرص على السؤال ولو كنت تعلم، حتى ينفع الله العامة بهذا السؤال إذا أجاب العالم، فمن تسبب في الخير رزق أجر ذلك الخير، تجلس مثلاً مع العالم، وفي الجلوس قوم ضالون، أو قوم حديثو عهد بالهداية، يكون السؤال عما يوصل القلوب إلى ربها ويذكرها برحمة خالقها، وعما يثّبتُ العبد على طاعة الله ومحبة الله، ويدله على مرضاة الله عز وجل.
النوع الثاني: المسائل العلمية التي فيها مناقشات، هذه خاصة بمجلس يغلب فيه طلاب عِلْم، لا العامة.
النوع الثالث: المسائل المحرجة التي يترتب على نشرها تشويش أو فتن، أو كان بها إساءة ظن بالعالِم، فهذه تكون بينك وبين العالم، لا يشارك فيها طلاب العلم ولا العامة، فتحرص على عدم فتح باب الشر.