انظر إلى ابن عباس الذي علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لي بالعلم، فأنا عالم إن شاء الله، ولكن أهان نفسه لكي يكرمها عند الله، وأذلّ نفسه لكي يعزّها الله، فكان له ذلك من الله.

ولما توفي زيد، جاء ابن عباس –وكان وفياً لأهل العلم- فحمل جنازته حتى سقطت عمامته من رأسه، ولم يزل فيها حتى دفنه. ثم لما دفن زيداً، قام على قبره تختنقه العبرة، فبكى وقال: ألا من سَرّهُ أن ينظُرَ كيف يقبض الله العلم، فلينظر هكذا يقبض الله العلم بموت العلماء (?) [16] ) .

ولذلك عزّت عند الله مكانته، ورفع الله قدره، وشرح صدره، وبلغ من العلم مبلغاً عظيماً، حتى كان إماماً لا يجارى، إذا وقف في كتاب الله يفسره، تفجرت ينابيع الحكمة في تفسيره رضي الله عنه وأرضاه، حتى قام في يوم عرفة ففسر سورة النور. يقول الراوي: والله لو شهده الفرس والروم والديلم لأسلموا لله عز وجل (?) [17] ) .

كل ذلك لما ذل للعلم وحفظ للعلماء حقوقهم رضي الله عنه وأرضاه.

والله، لا يحفظ حق العلماء إلا الموفق، ولا يقلل من شأنهم إلا من قلبه مرض وزيغ، وأهل البدع والأهواء –والعياذ بالله- يُعرفون بنقيصة العلماء.

قال بعض أهل العلم -رحمهم الله-: إذا أردت أن تنظر إلى رجل في قلبه مرض، فانظر في من يطعن في العلماء أو يحتقر العلماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015