والأهلية تحتاج إلى أمور ثلاثة:
أ- علم موروث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ب- سنوات طويلة من طلب العلم، وكان السلف ربما جلس الواحد منهم عند العالم ثلاثين عاماً، قبل أن يتصدر للتدريس.
ج- عقل؛ لان الإنسان قد يكون عالم ولا عقل له. والعلماء ثلاثة مراتب:
أ- عالم عقله أكبر من علمه، عنده علم قليل، ولكن عنده حكمة وبصيرة في توجيه الناس وإرشادهم إلى ما يكون فيه خير كثير.
ب- عالم علمه أكبر من عقله، عنده علم كثير ويحفظ ويقرأ، ولكنه لا يحسن وضع الأمور في نصابها.
ج- عالم استوى عقله وعلمه، وهذه مرتبة الكمال، فلا بد من الأمرين للمتصدر.
العلم: وهو الركيزة الأولى، والعقل: الذي يعرف به محاسن الأمور ومساوئها، وهذه الركيزة الثانية.
وأما التصدر الجزئي فيكفي فيه علم الشخص بالمسألة التي يتكلم فيها.
ومن لم يتوفر فيه هذا الشرط، فليتقِ الله في نفسه وفي المسلمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من اتخاذ الجهال رؤوساً في توجيه الأمة وتعليمها، وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (حتى إذا لم يبقَ عالم، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) (?) [152] ) .
ولأن من ألف فقد عرض عقله على الناس في طبق، فإما أن يرى منه عقل كامل، أو ما هو دون ذلك.
إضافة إلى مدح الناس وثنائهم عليه بالخير أو ذمهم، ولذلك قالوا: من ألف فقد استهدف، أي صار هدفاً للناس في المدح أو الذم.
وكان علماء السلف إذا الفوا، عرضوا مؤلفاتهم على علماء عصرهم حتى يشهدوا بأهلية المؤلف (?) [153] ) .