وهذا فتح من الله على البعض من الأخيار الصالحين البررة، ربما جلس معهم العامي، فلا يجد عندهم أسلوب الدعوة، بمجرد ما يخطئ يقيمون الدنيا ويقعدونها عليه، لماذا؟؛ لأن الله لم يفتح عليهم في الدعوة، فهذا فضل من الله، والله يعطي فضله من يشاء، ولبعض الناس جهاده في خلوته أكثر من جهاده في علانيته، ومنهم العكس، ومنهم من جمع الله له بين الحسنيين، وآتاه كلا الفضيلتين، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ رضي الله عنه: (إذا رأيت البناء بلغ سلعاً، فاخرج من المدينة) (?) [121] ) ؛ لأنه رضي الله عنه كان شديداً في طاعة الله، ويأخذ بالعزائم، ويرى أنه لا يجوز لك - وتعتبر من الذين يكنزون الذهب والفضة في الآية - أن تنام وعندك دينار واحد زائد عن حاجتك، من زهده وقوة خوفه من الله عز وجل رضي الله عنه وأرضاه، وهذا من حكمته صلى الله عليه وسلم: أن فاضل بين أصحابه، فكان يعطي البعض أحاديث الزهد، كأبي ذرّ، لو تتبعت أحاديثه في مسند الإمام أحمد لوجدت أكثرها في الزهد، والبعض من الصحابة أحاديثه في الجهاد أكثر، والبعض أحاديثه في العبادة، والبعض أحاديثه في العلم، والخلاصة أن الناس يختلفون، وبناءً عليه يُحكم لكلٍ حسب حاله. والله تعالى أعلم.

السؤال السابع

أنا خطيب مسجد، تكلم فيَّ بعض الناس، فبِمَ تنصحوني؟ وما هي وصيتكم لمن يتكلم في الدعاة والعلماء، وينفر منهم الناس؟. وهل تجدي المناقشة معهم (?) [122] ) ؟

الجواب:

هذه -والله- المصيبة التي تحزن إذا انتقص أهل العلم والفضل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والله إن باطن الأرض أولى من ظاهرها في العيش مع أقوام لا يعرفون لأهل العلم حقهم، ولا يقدرون لهم قدرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015