ولما مات سرجون تبعه ولده سناحريب الذي واجه في بداية حكمه خطرين, أحدهما من بابل التي كانت تحاول الاستقلال ثانية, والثاني من ولايات سورية وفلسطين، وكان ملك بابل وملك مصر يمنيان ولايات سورية وفلسطين بالمساعدة، وكانت بابل بوجه خاصتحرصعلى تشجيع هذه الولايات حتى تشغله عنها، وقد فطن سناحريب لذلك فتوجه إليها ودَكَّ حصونها وخربها وعين ابنه "أسرحدون" واليًا على جنوب العراق, ثم قضى على دويلات أهل البحر في أقصى الجنوب؛ لكثرة ثوراتهم مستعينًا في ذلك بسفن صنعها له صناع مهرة من الفينيقيين واليونانيين، وحينما علم بحدوث تحالف بين أمراء سورية وفلسطين بمساعدة مصر توجه إلى منطقة الخطر بجيش كبير وغزا المدن الساحلية في فلسطين ثم حاصر بيت المقدس وأخضعها, ولكن وباءً خطيرًا انتشر بين قواته؛ فاضطر إلى العودة إلى بلاده بفلول جيشه1, وخاصة بعد وصول الأنباء بحدوث اضطرابات فيها, ومات بأيدي أبنائه الذين طمعوا في العرش.

وبعد مقتل سناحريب تنافس أبناؤه على العرش, ثم فاز به ولده "أسرحدون" الذي استطاع أن يقضي على الفتنة سريعًا, ثم وجه همه للانتقام من مصر لتدخلها في شئون مستعمراته في سورية وفلسطين، وقد استعد ملكها النوبي طهرقة لملاقاته كما أرسل بعض الإمدادات إلى حلفائه في سورية وفلسطين؛ فلما زحف الملك الأشوري نحو مصر استطاع أن يصل إلى شرق الدلتا؛ ولكن المصريين استماتوا في الدفاع حتى تمكنوا من هزيمة الأشوريين وردوهم عن بلادهم؛ ففقدت الجيوش الأشورية هيبتها واضطر الملك إلى الاستعداد لإعادة الكرة حرصًا على سمعة الإمبراطورية. أما طهرقة فقد اطمأن إلى أن الأشوريين لن يعودوا إلى مصر ولم يستعد لملاقاتهم؛ إلا أن الملك الأشوري عاد سريعًا وظهر فجأة في سورية, وعاقب ملك صور على انضمامه لمصر, ثم أسرع مخترقًا الصحراء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015