وتل الغسول وفي الطبقة جـ بمنطقة العمق والطبقة 8 بمنطقة جريكو "وهي تقابل تقريبًا حضارة حلف بالعراق، وقد عثر فيها على منازل من اللبن أساساتها من الحجر الغشيم "غير المهذب"، وكان الأطفال يدفنون عادة في جرار تحت أرضيتها, أما البالغون فكان بعضهم يحرق والبعض يدفن في جرار على هيئة الجنين1، ومن المحتمل أن تحصينات المدن بدأت من هذا العصر، وكانت الزراعة مقترنة بالرعي واستئناس الحيوان كالثور "الذي يرجح أنه قدس" والماعز والغنم، وكان الحمام يرمز عادة للإلهة الأم، وفي هذا العهد كانت تغلب على السكان صفات جنس البحر الأبيض المتوسط في الجنوب, أما في الشمال فيغلب على الظن أنهم كانوا من الأرمنيين.
وتتمثل حضارات أواخر هذا الدور في أريحا ومجدل "تل المتسلم" والعفولة وبيت شان "بيسان" وأوجاريت وبيبلوس وهي تقابل طبقات العمق د، هـ، وفي سورية والحضارة الغسولية وعصر البرونز الأول في فلسطين، ويبدو أن سورية خلال هذه المرحلة كانت في حضارتها تساير حضارات العراق ومصر المناظرة لها؛ وخاصة في الجزء الأخير من عصر التمهيد للكتابة في العراق وعصر ما قبل السلالات الحاكمة في مصر أي: حضارتي جمدة نصر وسماينة، ويبدو التطور واضحا في هذه الحضارة؛ إذ نجد أن الفخار أصبح يصنع بالعجلة وأن اللبن أصبح يستخدم في البناء وطليت الجدران بلون أبيض وزينت برسوم تمثل بعض الأشخاص والآلهة، وقد توصل أهل هذه المرحلة إلى صب المعادن؛ حيث عثر على تماثيل نحاسية صغيرة مصبوبة, كما تطورت الفنون عامة ويتجلى ذلك بوضوح في زخرفة الأواني بطلاء زجاجي.