فيها وبالطبع لم يتوصل إلى ما نشاهده من حضارات راقية إلا بعد آلاف عديدة من السنين، ومن البديهي أنه لم يتدرج في مراحل الرقي بسرعة واحدة في مختلف أنحاء العالم، كذلك لم يمر في منطقة ما بالمراحل الحضارية التي مرت بها المناطق الأخرى, كما أنه لم ينتقل من مرحلة حضارية إلى مرحلة حضارية أخرى بنفس الترتيب الذي مرت به غيرها, كذلك لم تكن الفترة التي قضاها في إحدى المراحل الحضارية مساوية للفترة التي قضاها في نفس المرحلة في أماكن أخرى.
وقد تدرج الباحثون على تقسيم تاريخ الإنسان على أساس تطوره الحضاري إلى قسمين رئيسيين: القسم الذي سبق معرفته للكتابة والقسم الذي عرف فيه الكتابة، وأطلقوا على الأول اسم "ما قبل التاريخ" وأطلقوا على الثاني اسم "العصر التاريخي" على اعتبار أن الإنسان في هذا القسم من حياته توصل إلى التدوين؛ وبذلك وجد التاريخ، إلا أن تسمية القسم الأول باسم "ما قبل التاريخ" لا تتفق مع ما يعرف من أن تاريخ الإنسان يبدأ منذ لحظة ظهوره على الأرض, ومن الأفضل أن يطلق عليه اسم "عصر ما قبل الكتابة أو التدوين" أو "العصر قبل التاريخي" للتفرقة بينه وبين "العصر التاريخي" أو "عصر الكتابة أو التدوين" ومع كلٍّ فإن اصطلاح "ما قبل التاريخ" أصبح من الشيوع؛ بحيث لا يشك أحد في المقصود به.
ومن الطبيعي -وقد مر الإنسان بمراحل حضارية مختلفة- أن يختلف أسلوب حياته في هذه المراحل، وعلى هذا تعددت تقسيمات الباحثين في تاريخ الإنسان وحضاراته واختلفت وجهات نظرهم في هذا الشأن. على أن أشهر هذه التقسيمات تلك التي قسمت تاريخ الإنسان حسب المادة التي صنع منها أدواته, إلى دورين: "دور استعمال الحجر"، "دور استعمال المعادن" وهذا الأخير ما زلنا نعيش فيه إلى اليوم، وتلك التي تقسمه على أساس اقتصادي إلى مرحلتين: