(المعلم الثاني: مصير الناس بعد الموت ومنازلهم عند ربهم)
• الله عز وجل رحيم واسع الرحمة وحكيم يُنزل الأمور منازلها ويعطي كل أحد بحسب حاله ومقامه , قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) اشترك هؤلاء الثلاثة في الإيمان وفي اصطفاء الله لهم من بين الخليقة وفي دخول الجنة وافترقوا في تكميل مراتب الإيمان وفي مقدار الاصطفاء من الله وميراث الكتاب وفي منازل الجنة ودرجاتها بحسب أوصافهم.
وهم ثلاث مراتب كلية:
الأول: ظالم لنفسه. الثاني: مقتصد. الثالث: سابق بالخيرات.
أما الظالم لنفسه فهو المؤمن الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وترك من واجبات الإيمان ما لا يزول معه الإيمان بالكلية وهذا القسم ينقسم إلى قسمين القسم الأول: من يرد القيامة وقد كُفَر عنه السيئات كلها إما بدعاء أو شفاعة أو آثار خيرية ينتفع بها في الدنيا أو عُذَب في البرزخ بقدر ذنوبه ثم رُفع عنه العقاب وعمل الثواب عمله فهذا من أعلى هذا القسم.
القسم الثاني: من ورد القيامة وعليه سيئات فهذا توزن حسناته وسيئاته ثم هم بعد هذا النوع ثلاثة أنواع:
النوع الأول: من ترجح حسناته على سيئاته فهذا لا يدخل النار بل يدخل الجنة برحمة الله.
النوع الثاني: من تساوت حسناتهم وسيئاتهم فهؤلاء هم أصحاب الأعراف وهي موضع مرتفع بين الجنة والنار يكونون عليه ويلبثون فيه ما شاء الله ثم بعد ذلك يدخلون الجنة.
النوع الثالث: من رجحت سيئاته على حسناته فهذا قد استحق دخول النار إلا أن يمنع من ذلك مانع من شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - له أو أحد أقاربه أو معارفه أو تدركه رحمة الله المحضة بلا واسطة وإلا فلا بد له من دخول النار يُعذب فيها بقدر ذنوبه ثم مآله إلى الجنة ولا يبقى في النار أحد في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل.
أما المقتصد فهو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات ولم يُكثر من نوافل العبادات وإذا صدر منه بعض الهفوات بادر إلى التوبة , فيُعاد إلى مرتبته فهؤلاء أهل اليمين فهؤلاء سلموا من عذاب البرزخ وعذاب النار وسلم لهم إيمانهم وأعمالهم فأدخلهم الله بها الجنة.