وقد يستدل على أن الشمس بل وغيرها من النجوم إنما هي في السماء الدنيا بقوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (الصافات:6)، وبقوله تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (الملك:5)، وبقوله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (فصلت:12).
وقد ذكر هذا الاستدلال ابن كثير في البداية والنهاية فقال: وقال آخرون بل الكواكب كلها في السماء الدنيا، ولا مانع من كون بعضها فوق بعض، وقد يستدل على هذا بقوله تعالى .. وذكر الآيات السابقة.
والله أعلم.
السؤال الثامن: ما تأويل قوله تعالى (وَسَعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ)؟
للعلماء ثلاثة أقوال في معنى الكرسي المذكور في قوله تعالى: وَسَعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ [البقرة:255]:
- الأول أنه بمعنى علم الله، وهو عن ابن مسعودٍ وابن عباس وسعيد بن جبير وقال به: ابن جرير الطبري، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن.
- الثاني: أنه هو العرش، وهو مروي عن الحسن.
- الثالث: أنه موضع القدمين بالنسبة للعرش وهو الراجح، وهو مروي عن أبي موسى والسدي ومسلم البطين وابن عباس.
وقد روى ابن جرير بسنده إلى عبد الله بن خليفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل مقدار أربع أصابع، وإن له أطيطًا كأطيط الرحل وقد رواه أيضًا الخطيب والضياء المقدسي وغيرهما، وضعفه طائفة من أهل العلم منهم: ابن الجوزي والإسماعيلي والألباني وغيرهم.
السؤال التاسع: ما أول المخلوقات؟
العرش هو أول المخلوقات وهو سابق في الخلق للقلم، وأما حديث عبادة رضي الله عنه: (أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب)، فإن المراد به: إنه عند أول خلقه أُمر بالكتابة وليس المقصود أن القلم هو أول المخلوقات، كقولك: أول ما دخل زيد قيل له: اجلس. أي: أنه عند أول دخوله أُمر بالجلوس. وإن كان بعض المعاصرين من أهل العلم يرجحون أن القلم هو أول المخلوقات على الإطلاق، وهو قول طائفة من أصحاب الأئمة من أهل السنة المتأخرين؛ لكن جماهير السلف وعامتهم