قال ابن القيم: «فإن هذه الخمسة هي دعائم الفتوى، وأي شيء نقص منها ظهر الخلل في المفتي بحسبه» (?) .
(ثالثًا: آداب المفتي:
للمفتي آداب ينبغي أن يتحلى بها قبل إصداره الفتوى، وأثناء الفتوى، وبعدها، فمن ذلك:
1- ألا يفتي في مسألة يكفيه غيره إياها، فقد كان السلف رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى، ويتورعون عن الإفتاء، ويود أحدهم أن يكفيه الجواب غيره، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل جهده في معرفة حكمها مستعينًا بالله تعالى (?) .
2- ألا يتسرع في إصدار الفتوى إن تعينت عليه، بل عليه أن يتأمل وينظر، ولا يبادر إلى الجواب إلا بعد استفراغ الوسع، وبذل الجهد، وحصول الاطمئنان (?) . لذلك كان على المفتي:
3- أن يستشير من يثق بدينه وعلمه، ولا يستقل بالجواب ذهابًا بنفسه وارتفاعًا بها، فقد قال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ} [آل عمران: 159] ، وأثنى على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم.
هذا إذا لم يعارض ذلك مفسدة من إفشاء سر السائل أو تعريضه للأذى، أو مفسدة لبعض الحاضرين (?) . لذلك فإن على المفتي:
4- أن يحفظ أسرار الناس، وأن يستر ما اطلع عليه من عوراتهم (?) .
5- إذا اعتدل عند المفتي قولان أو لم يعرف الحق منهما فلم يتبين له الراجح من القولين فالأظهر أنه يتوقف ولا يفتي بشيء (?) .