ثانيًا: كتاب الفقيه والمتفقه (?) للإمام الحافظ الخطيب البغدادي، المتوفي سنة (463هـ) (?) :
أ- سبب تأليف الكتاب:
صنف الخطيب هذا الكتاب نصيحة لطائفتين، لأهل الحديث، ولأهل الرأي (?) .
ذلك أن أكثر كتبة الحديث في زمانه ابتعدوا عن معرفة فقه ما كتبوه وفهم معنى ما دونوه، ومنعوا أنفسهم عن محاضرة الفقهاء، وذموا مستعملي القياس من العلماء، وذلك لما سمعوه من الأحاديث التي تعلق بها أهل الظاهر في ذم الرأي والنهي عنه والتحذير منه، فلم يميزوا بين محمود الرأي ومذمومه، بل سبق إلى نفوسهم أنه محظور على عمومه، ثم قلدوا مستعملي الرأي في نوازلهم، وعولوا فيها على أقوالهم ومذاهبهم، فنقضوا بذلك ما أحلوه، واستحلوا ما حرموه.
وحُق لمن كانت حاله هذه أن يطلق فيه القول الفظيع، ويشنع عليه بضروب التشنيع، فهذا طعن أهل الرأي والمتكلمين في أهل الحديث.
أما أهل الرأي فجل ما يحتجون به من الأخبار واهية الأصل، ضعيفة عند