ثم إنه لا تعارض بين الخاص والعام، والعمل بهما معًا ممكن، فالمصير إليه أولى (?) .
مثال ذلك قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} [الأنعام: 151] . فتخصيص النهي عن القتل حال الفقر بالذكر وقع للحاجة إلى معرفته مع كون المسكوت عنه أولى بالحكم وهو القتل مع الغنى واليسار (?) .
فالحاصل: أن ذكر الخاص بعد العام قد يكون لنكتة اقتضت تخصيصه بالذكر كما في المثال السابق، وقد يكون لبيان اختصاص المذكور بالحكم ونفيه عما عداه كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «في سائمة الغنم الزكاة» (?) ، إذ تخصيص وجوب الزكاة بسائمة الغنم يدل على أن هذا الحكم خاص بها وأن المعلوفة غير السائمة لا زكاة فيها، وهذا ما يعرف بمفهوم المخالفة كما سيأتي بيانه (?) .
وأما إذا ورد الخاص مخالفًا للعام -وهو المقصود بحثه في هذه المسألة- فلا يخلو المقام من الأحوال الآتية (?) :
أن يُعلم التاريخ فيعلم:
اقتران الخاص بالعام.
أو يعلم تقدم العام وتأخر الخاص عنه.
أو يعلم تقدم الخاص وتأخرُ العام عنه.
أو لا يعلم التاريخ فلا يعلم تقدم أحدهما على الآخر.
وعلى كل فإن العام - في جميع الأحوال السابقة - يحمل على الخاص، بمعنى أن الخاص يقدم على العام ويخصصه، ويبقى العام على عمومه فيما