وزعم بعض المبتدعة أنه لا صيغة للأمر (?) بناءً على أن الكلام معنى قائم بالنفس مجرد عن الألفاظ، فالأمر عند هؤلاء قسمان: نفسي ولفظي، فالأمر النفسي عندهم هو: اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم بالنفس المجرد عن الصيغة.
والأمر اللفظي هو: اللفظ الدال عليه كصيغة: افعل.
والحق أن إثبات كلام النفس الباطل مخالف للكتاب والسنة واللغة والعرف (?) .
1- فمن الكتاب قوله تعالى لزكريا: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 10، 11] ، فلم يسم الله إشارته إلى قومه كلامًا لأنه لم يتكلم بشيء من الألفاظ.
2- ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم» (?) ، ففرق - صلى الله عليه وسلم - بين حديث النفس وبين الكلام بالألفاظ والحروف، فأضاف الأول إلى النفس وأطلق الثاني لأنه هو المتبادر إلى الفهم وهو الأصل في الكلام، فلم يحتج إلى قيد أو إضافة.
3- واتفق أهل اللغة على أن الكلام: اسم وفعل وحرف، ولذلك اتفق الفقهاء بأجمعهم على أن من حلف لا يتكلم فحدث نفسه بشيء دون أن ينطق بلسانه لم يحنث، ولو نطق حنث.
4- وأهل العرف كلهم يسمون الناطق متكلمًا، ومن عداه ساكتًا أو أخرس.