كان فيها ما يقتضي استحبابه استحب، وإلا بقي غير مستحب ولا مكروه.

مثال ذلك: أن الله شرع دعاءه وذكره شرعًا مطلقًا عامًا وأمر به أمرًا مطلقًا، فقال: {اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] ، وقال: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] ، فالاجتماع للدعاء والذكر في مكان معين، أو زمان معين، أو الاجتماع لذلك: تقييد للذكر والدعاء، وهذا التقييد لا تدل عليه الدلالة العامة المطلقة بخصوصه وتقييده، لكنها تتناوله لما في هذا التقييد من القدر المشترك.

فإن دلت الأدلة الشرعية على استحباب ذلك؛ كالذكر والدعاء يوم عرفة بعرفة، أو الذكر والدعاء المشروعين في الصلوات الخمس والأعياد والجمع وطرفي النهار وعند الطعام والمنام واللباس ودخول المسجد والخروج منه ونحو ذلك: صار ذلك الوصف الخاص مستحبًا مشروعًا استحبابًا زائدًا على الاستحباب العام المطلق.

وفي مثل هذا يعطف الخاص على العام، فإنه مشروع بالعموم والخصوص، وإن لم يكن في الخصوص أمر ولا نهي بقي على وصف الإطلاق، وجاز الإتيان بأي فعل معين يتحقق به امتثال الأمر المطلق (?) .

وقد عبر ابن تيمية رحمه الله عن هذه القاعدة بقوله:

شرْعُ الله ورسوله للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعًا بوصف الخصوص والتقييد...." (?) .

وقد بين ابن تيمية فائدة هذه القاعدة، فقال رحمه الله:

"وهذه القاعدة إذا جُمعت نظائرها نفعت، وتميز بها ما هو البدع من العبادات التي يشرع جنسها من الصلاة والذكر والقراءة، وأنها قد تُميز بوصف اختصاص تبقى مكروهة لأجله أو محرمة: كصوم يومي العيدين، والصلاة في أوقات النهي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015