- بيان مذهب أهل السنة في النسخ قبل التمكن، وبيان مذهب الأشاعرة ومذهب المعتزلة ومأخذ كل

ومن الحكم في ذلك أيضًا تمييز قوي الإيمان من ضعيفه، كما قال سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ} [البقرة: 143] .

رابعًا: الامتحان بكمال الانقياد، والابتلاءُ بالمبادرة إلى الامتثال، وذلك فيما إذا أمر الله عبده بأمر فامتثله ثم أمره بنقيض ذلك الأمر فامتثله أيضًا، فيكون هذا دليلاً على كمال الانقياد والاستسلام.

وتتضح هذه الحكمة في نسخ الأمر قبل التمكن من فعله (?) ، وذلك مثل أمر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يذبح ابنه ثم نسخ الله عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل، والحكمة من ذلك الابتلاء، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 106] .

فابتلى الله نبيه في محبته له سبحانه وتقديمها على محبته لابنه حتى تتم خلته، فكان المقصود الابتلاء لا نفس الفعل؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بفعل لا مصلحة ولا منفعة ولا حكمة فيه (?) ، بل أوامره سبحانه ونواهيه وجميع شرائعه مبنية على حكم ومصالح ومنافع كما سبق بيان ذلك (?) .

فالحكمة هنا ناشئة من نفس الأمر، والمصلحة حاصلة به، أما الفعل فلا مصلحة فيه ألبتة، لذلك كان المقصود من الأمر الحكمة منه وهي الابتلاء دون الفعل (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015