بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد، لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى" (?) .
اتفق السلف على أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجب اتباعها مطلقًا، لا فرق في ذلك بين السنة الموافقة أو المبينة للكتاب، وبين السنة الزائدة على ما في الكتاب (?) .
والدليل على ذلك: النصوص المتقدمة الدالة على حجية السنة؛ فإنها عامة مطلقة.
قال ابن عبد البر: "وقد أمر الله جل وعز بطاعته - أي: الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله ولم يقل: وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ.
قال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث، يعني: ما رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله، وإنما أنا موافق كتاب الله وبه هداني الله» .
وهذه الألفاظ لا تصح عنه - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه.
وقد عارض هذا الحديث قوم، من أهل العلم وقالوا: نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفًا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله ألا يقبل من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال" (?) .