وَأما عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فالدعوة الحقة الَّتِي جَاءَ بهَا مَا بقيت الْبَتَّةَ وَهَذَا الَّذِي يَقُوله هَؤُلَاءِ النَّصَارَى فَهُوَ الْجَهْل الْمَحْض وَالْكفْر الصّرْف وَالْكذب الصراح
فَظهر أَن انْتِفَاع أهل الدُّنْيَا بدعوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكمل من انْتِفَاع سَائِر الْأُمَم بدعوة سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَوَجَبَ أَن يكون مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام
وَذَلِكَ لِأَن الشَّرَائِع السَّابِقَة على شرع عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صَارَت مَنْسُوخَة بشرع عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأما شَرِيعَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فقد صَارَت مُنْقَطِعَة بِسَبَب أَن الناقلين عِنْدهم النَّصَارَى وهم كفار بِسَبَب القَوْل بالتثليث فَلَا يكون نقلهم حجَّة وَأما الَّذين بقوا على شَرِيعَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ الْبَرَاءَة من التَّثْلِيث فهم قَلِيلُونَ فَلَا يكون نقلهم حجَّة وَإِذا كَانَ كَذَلِك ثَبت أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ قبل النُّبُوَّة على شَرِيعَة أحد
أما من مَكَّة إِلَى الْبَيْت الْمُقَدّس فَلقَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} وَأما من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى مَا فَوق السَّمَوَات فَلقَوْله تَعَالَى {لتركبن طبقًا عَن طبق} والْحَدِيث الْمَشْهُور
أما استبعاد صعُود شخص من الْبشر إِلَى مَا فَوق السَّمَوَات فَهُوَ بعيد لوجوه شَتَّى