وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْمَعْلُوم عِنْد الْبشر أحد أُمُور أَرْبَعَة إِمَّا الْوُجُود وَإِمَّا كيفيات الْوُجُود وَهِي الأزلية والأبدية وَالْوُجُوب وَإِمَّا السلوب وَهِي أَنه لَيْسَ بجسم وَلَا جَوْهَر وَلَا عرض وَإِمَّا الإضافات وَهِي العالمية والقادرية والذات الْمَخْصُوصَة الموصوفة بِهَذِهِ الصِّفَات المفهومات مُغَايرَة لَهَا لَا محَالة وَلَيْسَ عندنَا من تِلْكَ الذَّات الْمَخْصُوصَة إِلَّا أَنَّهَا ذَات لَا يدْرِي مَا هِيَ إِلَّا أَنَّهَا مَوْصُوفَة بِهَذِهِ الصِّفَات وَهَذَا يدل على أَن حَقِيقَته الْمَخْصُوصَة غير مَعْلُومَة
اعْلَم أَن الْعلم بِصِحَّة النُّبُوَّة لَا يتَوَقَّف على الْعلم بِكَوْن الْإِلَه وَاحِدًا فَلَا جرم إِمْكَان إِثْبَات الوحدانية بالدلائل السمعية وَإِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول إِن جَمِيع الْكتب الإلهية ناطقة بِالتَّوْحِيدِ فَوَجَبَ أَن يكون التَّوْحِيد حَقًا
الْحجَّة الثَّانِيَة هُوَ أَنا لَو قَدرنَا إِلَهَيْنِ لَكَانَ أَحدهمَا إِذا انْفَرد صَحَّ تَحْرِيك الْجِسْم مِنْهُ وَلَو انْفَرد الثَّانِي يَصح مِنْهُ تكسينه فَإِذا اجْتمعَا وَجب أَن يبقيا على مَا كَانَا عَلَيْهِ حَال الِانْفِرَاد فَعِنْدَ الِاجْتِمَاع يَصح أَن يحاول أَحدهمَا التحريك وَالثَّانِي التسكين
فإمَّا أَن يحصل المرادان وَهُوَ محَال وَإِمَّا أَن يمتنعا وَهُوَ أَيْضا محَال لِأَنَّهُ يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا عَاجِزا وَأَيْضًا الْمَانِع من كل وَاحِد من تَحْصِيل مُرَاده حُصُول مُرَاد الآخر والمعلول لَا يحصل لَا مَعَ علته فَلَو امْتنع المرادان لحصلا وَذَلِكَ محَال وَأما أَن يمْتَنع أَحدهمَا دون الثَّانِي وَذَلِكَ أَيْضا محَال لِأَن الْمَمْنُوع يكون عَاجِزا وَالْعَاجِز