نَاطِق بِالْفرقِ بَين الْوَاجِب لذاته وَبَين نفس الْوُجُوب بِالذَّاتِ وَأَيْضًا فكله حَقِيقَة الله تَعَالَى غير مَعْلُوم ووجوبه بِالذَّاتِ مَعْلُوم
وَالثَّانِي بَاطِل وَإِلَّا لزم كَون الْوَاجِب لذاته مركبا
وَالثَّالِث أَيْضا بَاطِل لِأَن كل صفة خَارِجَة عَن الْمَاهِيّة لاحقة بهَا فَهِيَ مفتقرة إِلَيْهَا وكل مفتقر إِلَى الْغَيْر مُمكن لذاته فَيكون وَاجِبا بِغَيْرِهِ فَيلْزم أَن يكون الْوُجُوب بِالذَّاتِ مُمكنا لذاته وَاجِبا لغيره وَهُوَ محَال
وَأما الْمُمكن لذاته فَلهُ خَواص
الأول الْمُمكن لذاته لَا بُد وَأَن يكون نِسْبَة الْوُجُود والعدم إِلَيْهِ على السوية إِذْ لَو كَانَ أحد الطَّرفَيْنِ أولى بِهِ فَإِن كَانَ حُصُول تِلْكَ الْأَوْلَوِيَّة يمْنَع من طريان الْعَدَم عَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِب لذاته وَإِن كَانَ لَا يمْنَع فليفرض مَعَ حُصُول ذَلِك الْقدر من الْأَوْلَوِيَّة تَارَة مَوْجُودا وَأُخْرَى مَعْدُوما فامتياز أحد الْوَقْتَيْنِ عَن الآخر بالوقوع إِن لم يتَوَقَّف على انضمام مُرَجّح إِلَيْهِ لزم رُجْحَان الْمُمكن المتساوي لَا لمرجح وَإِن توقف على انضمامه إِلَيْهِ لم يكن الْحَاصِل أَولا كَافِيا فِي حُصُول الْأَوْلَوِيَّة وَقد فرضناه كَافِيا هَذَا خلف
فَثَبت أَن الشَّيْء مَتى كَانَ قَابلا للوجود والعدم كَانَ نسبتهما إِلَيْهِ على السوية
الثَّانِي الْمُمكن المتساوي لَا يتَرَجَّح أحد طَرفَيْهِ على الآخر إِلَّا بمرجح وَالْعلم بِهِ مركوز فِي فطْرَة الْعُقَلَاء بل فِي فطْرَة طباع الصّبيان فَإنَّك لَو لطمت وَجه الصَّبِي وَقلت حصلت هَذِه اللَّطْمَة من غير فَاعل الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ لَا يصدقك فِيهِ الْبَتَّةَ بل فِي فطْرَة الْبَهَائِم فَإِن الْحمار إِذا أحس بِصَوْت الْخَشَبَة فزع لِأَنَّهُ تقرر فِي فطرته أَن حُصُول صَوت الْخَشَبَة بِدُونِ الْخَشَبَة محَال وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَ الطرفان بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ على السوية وَجب أَن لَا يحصل الرجحان بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَّا لزم التَّنَاقُض
الثَّالِث احْتِيَاج الْمُمكن إِلَى الْمُؤثر لإمكانه لَا لحدوثه لِأَن