ذَلِك وَجب أَن يكون ذَلِك الإِمَام عليا رَضِي الله عَنهُ
بَيَان الأول أَن الْوَلِيّ إِمَّا النَّاصِر وَإِمَّا الْمُتَصَرف وَيجب قصره عَلَيْهِمَا تقليلا للاشتراك وَالْمجَاز وَلَا يجوز حمله على النَّاصِر لِأَن النُّصْرَة عَامَّة لقَوْله تَعَالَى وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالْولَايَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة خَاصَّة بِبَعْض الْمُؤمنِينَ لِأَن كلمة {إِنَّمَا} تفِيد الْحصْر وَإِذا بَطل حمل الْوَلِيّ عَليّ النَّاصِر وَجب حمله على الْمُتَصَرف فِي جَمِيع الْأمة المخاطبين بقوله تَعَالَى {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} وَلَا معنى للْإِمَامَة إِلَّا التَّصَرُّف فِي جَمِيع الْأمة فَثَبت دلَالَة هَذِه الْآيَة على إِمَامَة شخص معِين وكل من قَالَ بهَا قَالَ إِنَّه عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لِأَن أحدا من الْأمة لم يقل إِن هَذِه الْآيَة تدل على إِمَامَة أبي بكر وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
الثَّانِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (أَلَسْت أولى بكم من أَنفسكُم قَالُوا نعم قَالَ فَمن كنت مَوْلَاهُ فعلى مَوْلَاهُ) وَجه الِاسْتِدْلَال أَنه صرح بِلَفْظَة أولى ثمَّ ذكر عقيبها الْمولى وَهُوَ لفظ يحْتَمل الْأَشْيَاء وَذكر الأولى يصلح تَفْسِيرا فَوَجَبَ حمله عَلَيْهِ دفعا للإجمال وَحِينَئِذٍ يصير تَقْدِيره من كنت أولى بِهِ فِي الحكم والقضية من نَفسه كَانَ عَليّ أولى بِهِ فِي ذَلِك وَلَا معنى للْإِمَام إِلَّا من يكون أولى من غَيره فِي قبُول حكمه وقضائه
الثَّالِث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ (أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى) وَمن جملَة منَازِل هَارُون من مُوسَى كَونه بحث لَو بَقِي بعد مُوسَى كَانَ خَليفَة لَهُ فَوَجَبَ أَن يثبت لعَلي أَنه لَو بَقِي بعد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَكَانَ خَليفَة لَهُ وَقد بَقِي بعده فَوَجَبَ أَن يكون خَليفَة لَهُ
وَالْجَوَاب عَن الْكل أَنه يجب حملهَا على أولويته فِي الْإِيمَان بِالدّينِ وعَلى علو منصبه وَلَا تحمل على الْإِمَامَة تَوْفِيقًا بَينهَا وَبَين الدَّلَائِل الَّتِي ذَكرنَاهَا ثمَّ
إِن قَوْلنَا أولى لوجوه