على عَليّ أَنه تَعَالَى قَالَ فِي صفة هَذَا الأتقى {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى} وَعلي رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ كَذَلِك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رباه من أول صغره إِلَى آخر عمره وَتلك النِّعْمَة توجب المجازاة
أما أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فقد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَقه نعْمَة الْإِرْشَاد إِلَى الدّين إِلَّا أَن هَذِه النِّعْمَة لَا تجزي الْبَتَّةَ وَلما ثَبت أَن هَذَا الأتقى إِمَّا أَبُو بكر وَإِمَّا عَليّ وَثَبت أَنه لَا يُمكن حمله على عَليّ وَجب حمله على أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا ثمَّ أَنه تَعَالَى وَصفه بقوله {إِلَّا ابْتِغَاء وَجه ربه الْأَعْلَى ولسوف يرضى} وسوف لاستقبال فَهَذِهِ الْآيَة تدل على أَن أَبَا بكر أفضل الْخلق بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيدل قَوْله {ولسوف يرضى} على أَنه تبقى تِلْكَ الصّفة بَاقِيَة فِي أبي بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى الزَّمَان الْمُسْتَقْبل وَلَو كَانَ مُبْطلًا فِي الْإِمَامَة لما كَانَ أفضل الْخلق وَلما دلّت الْآيَة على الْأَفْضَلِيَّة وَجب الْقطع بِصِحَّة إِمَامَته
وَأما الْأَخْبَار فكثيرة أَحدهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر) أوجب الِاقْتِدَاء بهما فِي الْفَتْوَى وَمن جملَة مَا أفتيا بِهِ كَونهمَا إمامين فَوَجَبَ الافتداء بهما فِي هَذِه الْفَتْوَى وَذَلِكَ يُوجب إمامتهما
وَثَانِيها قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ تصير ملكا عَضُوضًا) وَذَلِكَ تنصيص على أَنهم كَانُوا فِي الْخُلَفَاء المحقين لَا من الْمُلُوك الظَّالِمين
وَثَالِثهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا (هما سيدا كهول أهل الْجنَّة) وَلَو كَانَا غاضبين للْإِمَامَة لما كَانَ هَذَا الحكم لائقا بهما
وَكَذَلِكَ الْخَبَر الدَّال على بِشَارَة الْعشْرَة المبشرة يدل على صِحَة إِمَامَة الثَّلَاثَة
وَأما الْإِجْمَاع فَمن وُجُوه
أَحدهَا أَن النَّاس أَجمعُوا على أَن الإِمَام بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَّا أَبُو