إِلَى أهل التَّوَاتُر أَو مَا أوصله إِلَيْهِم وَالْأول بَاطِل لِأَن طالبي الْإِمَامَة لأَنْفُسِهِمْ كَانُوا فِي غَايَة الْقلَّة أما الْبَاقُونَ فَمَا كَانُوا طَالِبين للْإِمَامَة لأَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا فِي غَايَة التَّعْظِيم لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن مُخَالفَته توجب الْعَذَاب الْأَلِيم
وَالْإِنْسَان لَا يلْتَزم الْعقَاب الْعَظِيم من غير غَرَض لَا سِيمَا وَقد حصلت هُنَاكَ أَسبَاب أخر توجب نصْرَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ
أَحدهَا أَن عليا كَانَ فِي غَايَة الشجَاعَة وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ كَانَ فِي غَايَة الضعْف هَذَا مَذْهَبهم
وَثَانِيها أَن اتِّبَاع عَليّ كَانُوا فِي غَايَة الْجَلالَة فَإِن فَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم كَانُوا مَعَه وَأَبُو سُفْيَان شيخ بني أُميَّة كَانَ فِي غَايَة البغض لأبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا وَجَاء وَبَالغ فِي حمل عَليّ رَضِي الله عَنهُ على طلب الْإِمَامَة وَمن انتزاعها من يَد أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَالزُّبَيْر رَضِي الله عَنهُ مَعَ شجاعته سل السَّيْف على أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا
وَثَالِثهَا أَن الْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم طلبُوا الْإِمَامَة لأَنْفُسِهِمْ فَمنهمْ أَبُو بكر فَلَو كَانَ هَذَا النَّص مَوْجُودا لقالوا لَهُ يَا أَبَا بكر إِنَّا أردنَا أَن نأخذها لأنفسنا بالظلم وَالْغَصْب فَكَمَا منعتنا عَنْهَا فَنحْن أَيْضا نَمْنَعك من هَذَا الْغَصْب وَالظُّلم ونرد الْحق إِلَى أَهله وَهُوَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَإِن الْخصم مَتى وجد مثل هَذِه الْحجَّة الْقَاهِرَة امْتنع سكته عَنْهَا فَلَو كَانَ النَّص على عَليّ مَوْجُودا لامتنع فِي الْعرف سكُوت الْأَنْصَار عَن ذكره ولامتنع إعراضهم عَن نصْرَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَثَبت أَن كل هَذِه الْأَسْبَاب مُوجبَة لقُوَّة أَمر عَليّ بِتَقْدِير أَن يكون النَّص مَوْجُودا فَلَمَّا لم يُوجد ذَلِك علمنَا أَنه لَا أصل لهَذَا النَّص
وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ أَن يُقَال إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أوصل ذَلِك النَّص إِلَى أهل التَّوَاتُر بل إِلَى الْآحَاد فَهُوَ بعيد لوجوه