وَأما الَّذين قَالُوا لَا يجب فهم ثَلَاثَة طوائف
مِنْهُم من قَالَ إِنَّه يجب نَصبه فِي وَقت السَّلامَة أما فِي وَقت الْحَرْب وَالِاضْطِرَاب فَلَا يجب لِأَنَّهُ رُبمَا صَار نَصبه سَببا لزِيَادَة الشَّرّ
وَمِنْهُم من عكس الْأَمر
وَمِنْهُم من قَالَ لَا يجب فِي شَيْء من الْأَوْقَات
لنا أَن نصب الإِمَام يَقْتَضِي دفع ضَرَر لَا ينْدَفع إِلَّا بِهِ فَيكون وَاجِبا
وَبَيَان الأول أَن الْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِل بِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الْبَلَد رَئِيس قاهر ضَابِط فَإِن حَال الْبَلَد يكون أقرب إِلَى الصّلاح مِمَّا إِذا لم يُوجد هَذَا الرئيس
وَبَيَان الثَّانِي أَن دفع الضَّرَر عَن النَّفس لما كَانَ وَاجِبا فَمَا لَا ينْدَفع هَذَا الضَّرَر إِلَّا بِهِ وَجب أَن يكون وَاجِبا
فَإِن قَالُوا لَعَلَّ الْقَوْم يستنكفون عَن مُتَابعَة ذَلِك الرئيس فَيَزْدَاد ذَلِك الشَّرّ
قُلْنَا هَذَا وَإِن كَانَ مُحْتملا إِلَّا أَنه نَادِر وَالْغَالِب مَا ذَكرْنَاهُ وَالْغَالِب رَاجِح على النَّادِر
وَذَلِكَ لأنكم وَإِن ذكرْتُمْ اشتماله على هَذَا الْوَجْه من الْمَنْفَعَة فَإِنَّهُ لَا يبعد أَيْضا اشتماله على وَجه من وُجُوه الْقبْح وَبِهَذَا التَّقْدِير فَإِنَّهُ يقبح من الله تَعَالَى نَصبه