وَهِي القَوْل وَالْعَمَل والاعتقاد وَكَانَ حُصُول الشَّك فِي الْعَمَل يَقْتَضِي حُصُول الشَّك فِي أحد أَجزَاء هَذِه الْمَاهِيّة فَيصح الشَّك فِي حُصُول الْإِيمَان
وَأما عِنْد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا كَانَ الْإِيمَان عبارَة عَن الِاعْتِقَاد الْمُجَرّد لم يكن الشَّك فِي الْعَمَل مُوجبا لوُقُوع الشَّك فِي الْإِيمَان فَظهر أَنه لَيْسَ بَين الْإِمَامَيْنِ رَضِي الله عَنْهُمَا مُخَالفَة فِي الْمَعْنى
إِذا ثَبت ذَلِك فالتوبة كَذَلِك فَإِن الرجل إِذا اعْتقد أَن فعل الْمعْصِيَة يُوجب الضَّرَر الْعَظِيم ترَتّب على حُصُول هَذَا الِاعْتِقَاد نفرة عَنهُ ثمَّ إِن تِلْكَ النفرة مُقْتَضى ثَلَاثَة أُمُور
فأولها النَّدَم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا صدر عَنهُ فِي الْمَاضِي
الثَّانِي تَركه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَال
الثَّالِث الْعَزْم على التّرْك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبل فَهَذَا هُوَ الْكَلَام فِي حَقِيقَة التَّوْبَة
لقَوْله تَعَالَى {تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا} وَهِي مَقْبُولَة قطعا لقَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده}