يعْدم ذَلِك الَّذِي كَانَ وَاحِدًا وتحدث هَذِه الْكَثْرَة
وَالثَّانِي محَال لِأَن حُصُول الامتياز لَيْسَ بالماهية وَلَا بلوازمها لِأَن النُّفُوس الإنسانية متحدة بالنوع
وَلَا بالعوارض أَيْضا لِأَن الِاخْتِلَاف بالعوارض إِنَّمَا يكون بِسَبَب الْموَاد ومواد النُّفُوس الْأَبدَان وَقبل الْأَبدَان لَيست الْأَبدَان مَوْجُودَة
وَاعْلَم أَن هَذِه الْحجَّة مَبْنِيَّة على أَن النُّفُوس متحدة بالماهية وَلم يذكر فِي تَقْرِيره دَلِيلا وَأَيْضًا فَلم لَا يجوز أَن يُقَال هَذِه النُّفُوس قبل هَذِه الْأَبدَان كَانَت مُتَعَلقَة بأبدان أُخْرَى فَهَذَا الدَّلِيل لَا يَصح إِلَّا بعد إبِْطَال التناسخ وَدَلِيله فِي إبِْطَال التناسخ مَبْنِيّ على حُدُوث النَّفس فَيلْزم الدّور
لأَنا قد دللنا على أَن النَّفس حَادِثَة وَعلة حدوثها هُوَ الْعقل الفعال وَهُوَ قديم فَلَو لم يكن فيضان هَذِه النُّفُوس عَن الْعقل الفعال مَوْقُوفا على شَرط حَادث لوَجَبَ قدم هَذِه النُّفُوس لأجل قدم علتها وَلما كَانَ ذَلِك بَاطِلا علمنَا أَن فيضانها عَن تِلْكَ الْعلَّة الْقَدِيمَة مَوْقُوف على شَرط حَادث وَذَلِكَ الشَّرْط هُوَ حُدُوث الْأَبدَان فَإِذا حدث الْبدن وَجب أَن تحدث نفس مُتَعَلقَة بِهِ فَلَو تعلّقت نفس أُخْرَى بِهِ على سَبِيل التناسخ لزم تعلق النفسين بِالْبدنِ الْوَاحِد وَهُوَ محَال
وَاعْلَم أَنه ظهر أَن دَلِيله فِي نفي التناسخ مَوْقُوف على إِثْبَات كَون النَّفس حَادِثَة فَلَو أثبتنا حُدُوث النُّفُوس بِالْبِنَاءِ على نفس التناسخ لزم الدّور وَأَنه محَال والأقوى فِي نفي التناسخ أَن يُقَال لَو كُنَّا موجودين قبل هَذَا الْبدن لوَجَبَ أَن نَعْرِف أحوالنا فِي تِلْكَ الْأَبدَان كَمَا أَن من مارس ولَايَة بَلْدَة سِنِين كَثِيرَة فَإِنَّهُ يمْتَنع أَن ينساها