أَحدهَا أَن الْإِنْسَان حَال مَا يكون شَدِيد الاهتمام بمهم من الْمُهِمَّات فَإِنَّهُ قد يَقُول قلت كَذَا وَفعلت كَذَا وَأمرت بِكَذَا وَهَذِه الضمائر دَالَّة على نَفسه الْمَخْصُوصَة فَهُوَ فِي هَذِه الْأَحْوَال عَالم بِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَة وغافل عَن جَمِيع أَعْضَائِهِ الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمعلوم مُغَاير لغير الْمَعْلُوم
الثَّانِي أَن جَمِيع أَعْضَائِهِ الظَّاهِرَة والباطنة آخذة فِي الذوبان والانحلال لِأَن البنية مركبة من الْأَعْضَاء الآلية وَهِي مركبة من الْأَعْضَاء البسيطة وَهِي حارة رطبَة والحرارة إِذا أثرت فِي الْجِسْم الرطب أصعدت عَنهُ الأبخرة الْعَظِيمَة فَلهَذَا السَّبَب يحْتَاج الْحَيَوَان إِلَى الْغذَاء ليقوم بدل الْأَجْزَاء المنحلة
إِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول الْأَجْزَاء والأعضاء كلهَا فِي التبدل وَالنَّفس الْمَخْصُوصَة الَّتِي لكل أحد وَاحِدَة بَاقِيَة من أول الْعُمر إِلَى آخِره وَالْبَاقِي غير مَا هُوَ غير الْبَاقِي فَالنَّفْس غير هَذِه البنية