تباركَ الله خالقُ الحبِّ والنَّوى، وخالقُ العبدِ وما نوى، المطَّلِعُ على باطنِ الضمير وما حَوى، بمشيئته رشد مَنْ رشد، وغوى مَنْ غوى، وبقدرته وعظمته على عرشه استوى، صرَّف مَنْ شاء إِلَى الهدى، وعطفَ من شاء إِلَى الهوى، قَرَّب موسى نَجيَّاً بعد أن كان مطوياً من شدة الطوى، فمنحه فَلاحاً، وكلَّمه كِفاحاً، وهو بالوادي المقدس طوى، وعَرَجَ بمحمدٍ إليه حَتَّى رآه بعينه، ثم عاد إِلَى فراشه وما انطوى، فحدّثَ بقربه من ربه، وحدَّث بما رأى وروى، وأقسمَ على تصديقه [من حرسه] بتوفيقه على القوى، فقَالَ تعالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 1 - 3].
فسبحان [مَنْ] رفعَ محمداً فوق الهلاك، وقدمه على الأنبياء والأملاك، وإنه والله لأهلٌ لذاك؛ لأنه أطولُ القومِ في جهاد أهل الكفر (?) والإشراك ذيلاً، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}.
وطَيَّبه بأزكى الخلائق، ثم رفعه على أزكى الخلائق، فوقَ السبعِ الشدادِ الطرائق، فيا فخرَ ذاك المقدّم السابق رجلاً وخيلاً، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}.
أوقد لهداية الخلق به سراجه وشاد [قـ]ـواعد دينه وأبراجَه، وقوّى شرعَه، وأظهرَ احتجاجَه، فالخزيُ كلُّ الخزيِ لمن جحد معراجَه، ويا له ويلاً، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1].
كلَّمه كِفاحاً، ومنحه فَلاحاً، وأوجبَ ذكرَه علينا مساء وصباحاً،