{كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ} فالمخلوقات كلهَا مفطورة على الازدواج لطيفها وكثيفها معقولها ومحسوسها فَفِي المركبات ازدواج وَفِي البسائط ازدواج وَبَين البسائط والمركبات ازدواج والنفوس بِوَاسِطَة الأفلاك معطية والعناصر قَابِلَة وَبَين الْمُعْطِي والقابل نتائج ومواليد من الْمَعَادِن والنبات وَالْحَيَوَان وَالْإِنْسَان وَبَين الْعقل وَالنَّفس ازدواج كَمَا بَين الْقَلَم واللوح ازدواج ومواليدهما للروحانيات من الْعُقُول والنفوس وَمن لَهُ الْخلق وَالْأَمر متعال على الازدواج أَدَاء وقبولا سُبْحَانَهُ أَن يكون لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا تَقْسِيم آخر
وَهُوَ أَن القوى الحيوانية والإنسانية مَعَ جسم الْبدن مُتَفَاوِتَة فِي الْفضل والكمال مترتبة فِي الشّرف والتمام
فَكَذَلِك فَاعْلَم أَن الموجودات بِاعْتِبَار الْكَمَال وَالنُّقْصَان تَنْقَسِم إِلَى مَا هُوَ بِحَيْثُ لَا يحْتَاج إِلَى أَن يمده غَيره ليكتسب مِنْهُ وَصفا بل كل مُمكن فَهُوَ مَوْجُود لَهُ حَاضر مَعَه وَيُسمى تَاما وَإِلَى مَا لَا يحضر مَعَه كل مُمكن لَهُ بل لَا بُد من أَن يحصل لَهُ مَا لَيْسَ حَاصِلا لَهُ وَهَذَا يُسمى نَاقِصا قبل حُصُول التَّمام لَهُ ثمَّ النَّاقِص يَنْقَسِم إِلَى مَا لَا يحْتَاج إِلَى أَمر خَارج عَن ذَاته حَتَّى يحصل لَهُ مَا يَنْبَغِي أَن يحصل فَهَذَا يُسمى مكتفيا وَإِلَى مايحتاج وَيُسمى نَاقِصا مُطلقًا فالتام هُوَ الْعقل والناقص هُوَ الْأَجْسَام والناقص من وَجه كَامِل من وَجه هُوَ النَّفس كَمَا أَن الْبدن وكل ماتركب من العناصر نَاقص والكامل هُوَ الْعقل والناقص الْكَامِل هُوَ القوى الروحانية من التخيل وَالوهم وَغير ذَلِك