مَعْنَاهُ الا بِالْعرضِ والخوض فِي بَاطِنه وَظَاهره بل كَيفَ يعاير هَذَا الادراك بذلك الادراك أَو كَيفَ يمكننا أَن ننسب اللَّذَّة الحسية والبهيمية والغضبية الى هَذِه السعادات وَاللَّذَّات وَلَكنَّا فِي عالمنا هَذَا وأبداننا هَذِه وانغمارنا فِي الرذائل لَا نحس بِتِلْكَ اللَّذَّة اذا حصل شَيْء من أَسبَابهَا عندنَا كَمَا أومأنا اليه فِي بعض مَا قدمْنَاهُ من الْأُصُول وَلذَلِك لَا نطلبها وَلَا نَحن إِلَيْهَا اللَّهُمَّ الا أَن نَكُون قد خلعنا ربقة الشَّهْوَة وَالْغَضَب وأخواتهما عَن أعناقنا وطالعنا شَيْئا من تِلْكَ اللَّذَّة فَحِينَئِذٍ رُبمَا نتخيل مِنْهَا خيالا طفيفا ضَعِيفا وخصوصا عِنْد انحلال المشكلات واستيضاح المطلوبات اليقينية والتذاذنا بذلك شَبيه بالتذاذ الْحس عَن المذاقات اللذيذة بروائحها من بعيد

وَأما اذا انفصلنا عَن الْبدن وَكَانَت النَّفس تنبهت وَهِي فِي الْبدن لكمالها الَّذِي هُوَ معشوقها وَلم تحصله وَهِي بالطبع نازعة اليه اذا عقلت بِالْفِعْلِ أَنه مَوْجُود إِلَّا أَن اشتغالها بِالْبدنِ كَمَا قُلْنَا أنساه ذَاته ومعشوقه كَمَا ينسي الْمَرَض الْحَاجة إِلَى بدل مَا يتَحَلَّل وكما ينسى الممرور الالتذاذ بالحلو واشتهاءه وتميل بالشهوة مِنْهُ الى المكروهات فِي الْحَقِيقَة عرض لَهَا حِينَئِذٍ من الْأَلَم لفقدانه كفاء مَا يعرض من اللَّذَّة الَّتِي أَوجَبْنَا وجودهَا ودللنا على عظم منزلتها فَيكون ذَلِك هُوَ الشقاوة والعقوبة الَّتِي لَا يعدلها تَفْرِيق النَّار للاتصال وتبديلها أَو تَبْدِيل الزَّمْهَرِير المزاج فَيكون مثلنَا حِينَئِذٍ مثل الخدر الَّذِي أومأنا إِلَيْهِ فِيمَا سلف وَالَّذِي قد عمل فِيهِ نَارا وزمهريرا فمنعت الْمَادَّة الملابسة وُجُوه الْحس عَن الشُّعُور فَلم يتأذ ثمَّ عرض أَن زَالَ العائق فشعر بالبلاء الْعَظِيم

وَأما اذا كَانَت الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة بلغت من النَّفس حدا من الْكَمَال فيمكنها بِهِ اذا فَارَقت الْبدن أَن تستكمل الْكَمَال الَّذِي لَهَا أَن تبلغه كَانَ مثله مثل الخدر الَّذِي أذيق الْمطعم الألذ وَعرض للحالة الأشهى وَكَانَ لَا يشْعر فَزَالَ عَنهُ الخدر فطالع اللَّذَّة الْعَظِيمَة دفْعَة وَتَكون تِلْكَ اللَّذَّة لَا من جنس تِلْكَ اللَّذَّة الحسية والحيوانية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015