بِالْعَكْسِ لفعل التخيل حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الشَّيْء الَّذِي تكون النَّفس شاهدته حِين اتصالها بذلك الْعَالم وَأخذت المتخيلة تنْتَقل عَنهُ إِلَى أَشْيَاء أُخْرَى فَهَذِهِ طبقَة
وطبقة أُخْرَى يُقَوي استعداد نَفسهَا حَتَّى تستثبت مَا نالته هُنَاكَ ويستقر عَلَيْهِ الخيال من غير أَن يغلبه الخيال وينتقل إِلَى غَيره فَتكون الرُّؤْيَا الَّتِي لَا تحْتَاج إِلَى تَعْبِير
وطبقة أُخْرَى أَشد تهيئا من تِلْكَ الطَّبَقَة وهم الْقَوْم الَّذين بلغ من كَمَال قوتهم المتخيلة وشدتها أَنَّهَا لَا تستغرقها القوى الحسية فِي إِيرَاد مَا يُورد عَلَيْهَا حَتَّى يمْنَعهَا ذَلِك عَن خدمَة النَّفس الناطقة فِي اتصالها بِتِلْكَ المبادىء الموحية اليها بالأمور الْجُزْئِيَّة فيتصل لذَلِك فِي حَال الْيَقَظَة وَيقبل تِلْكَ الصُّور
ثمَّ إِن المتخيلة تفعل مثل مَا تفعل فِي حَال الرُّؤْيَا المحتاجة إِلَى التَّعْبِير بِأَن تَأْخُذ تِلْكَ الْأَحْوَال وتحاكيها وتستولي على الحسية حَتَّى يُؤثر مَا يتخيل فِيهَا من تِلْكَ فِي قُوَّة بنطاسيا بِأَن تنطبع الصُّور الْحَاصِلَة فِيهَا فِي البنطاسيا الْمُشَاركَة فيشاهد صورا إلهية عَجِيبَة مرئية وأقاويل إلهية مسموعة هِيَ مثل تِلْكَ المدركات الوحيية وَهَذِه أدون دَرَجَات الْمَعْنى الْمُسَمّى بِالنُّبُوَّةِ وَأقوى من هَذَا أَن يستشبت تِلْكَ الْأَحْوَال والصور على هيئتها مَانِعَة للقوة المتخيلة على الِانْصِرَاف إِلَى محاكاتها بأَشْيَاء أُخْرَى
وَأقوى من هَذَا أَن تكون المتخيلة مستمرة فِي محاكاتها وَالْعقل العملي وَالوهم لَا يتخليان عَمَّا استثبتاه فَثَبت فِي الذاكرة صُورَة مَا أخذت وَتقبل المتخيلة على بنطاسيا وتحاكي فِيهِ مَا قبلت بصور عَجِيبَة مسموعة ومبصرة وَيُؤَدِّي كل وَاحِد مِنْهُمَا على وَجهه
وَهَذِه طَبَقَات النُّبُوَّة الْمُتَعَلّقَة بالقوى الْعَقْلِيَّة العملية والخيالية وَانْظُر قصَص الْقُرْآن كَيفَ أَتَت على جزئياتها كَأَنَّهُ شَاهدهَا وحضرها وَكَأَنَّهَا كَانَت بمرأى من