أَيْضا هَذَا الْمُتَقَدّم فِي الْوُجُود إِذا فرض الْمُتَأَخر قد عدم لَا لِأَن فرض عدم الْمُتَأَخر أوجب عدم الْمُتَقَدّم وَلَكِن لِأَن الْمُتَأَخر لَا يجوز ان يكون عدم إِلَّا وَقد عرض أَولا بالطبع للمتقدم مَا اعدمه فَحِينَئِذٍ عدم الْمُتَأَخر فَلَيْسَ فرض عدم الْمُتَأَخر يُوجب عدم الْمُتَقَدّم وَلَكِن فرض عدم الْمُتَقَدّم نَفسه لِأَنَّهُ إِنَّمَا افْترض الْمُتَأَخر مَعْدُوما بعد أَن عرض للمتقدم إِن عدم فِي نَفسه وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيجب ان يكون السَّبَب المعدم يعرض فِي جَوْهَر النَّفس فَيفْسد مَعَه الْبدن وان لَا يكون الْبَتَّةَ يفْسد بِسَبَب يَخُصُّهُ لَكِن فَسَاد الْبدن بِسَبَب يَخُصُّهُ من تغير المزاج اَوْ التَّرْكِيب فَبَاطِل ان تكون النَّفس تتَعَلَّق بِالْبدنِ تعلق الْمُتَقَدّم بِالذَّاتِ ثمَّ تفْسد بِالْبدنِ الْبَتَّةَ فَلَيْسَ إِذا بَينهمَا هَذَا التَّعَلُّق وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فقد بَطل انحاء التَّعَلُّق كلهَا وَبَقِي ان لَا تعلق للنَّفس فِي الْوُجُود بِالْبدنِ بل تعلقه فِي الْوُجُود بالجود الإلهي بِوَاسِطَة المبادىء الْأُخَر الَّتِي لَا تستحيل وَلَا تبطل
نقُول إِن النَّفس لَا يتَطَرَّق اليها الفناء والعدم وَالْفساد والهلاك وَذَلِكَ ان كل شَيْء من شَأْنه ان يفْسد بِسَبَب مَا فَفِيهِ قُوَّة ان يفْسد وَقبل الْفساد فِيهِ فعل ان يبْقى ومحال ان يكون من جِهَة وَاحِدَة وَفِي شَيْء وَاحِد قُوَّة ان يفْسد وَفعل ان يبْقى بل تهيؤه للْفَسَاد لَيْسَ لفعل ان يبْقى فان معنى الْقُوَّة مُغَاير لِمَعْنى الْفِعْل واضافة هَذِه الْقُوَّة مُغَايرَة لأضافة هَذَا الْفِعْل لِأَن اضافة ذَلِك إِلَى الْفساد واضافة هَذَا إِلَى الْبَقَاء فاذا لأمرين مُخْتَلفين فِي الشَّيْء يُوجد هَذَانِ المعنيان وَهَذَا انما يكون فِي الْأَشْيَاء المركبة أَو الْأَشْيَاء البسيطة فِي المركبة وَأما فِي الاشياء البسيطة الْمُفَارقَة الذَّات فَلَا يجوز فِيهَا هَذَانِ الامران
ونقول بِوَجْه مُطلق أَنه لَا يجوز ان يجْتَمع فِي شَيْء احدي الذَّات هَذَانِ المعنيان وَذَلِكَ لَان كل شَيْء يبْقى وَله قُوَّة ان يفْسد فَلهُ قُوَّة ان يبْقى لِأَن