عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ, وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ" 1. وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَكَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ الْمَحْسُوسُ الْمُشَاهَدُ كَالْمَرْأَةِ الْعَاقِرِ الَّتِي لَا تَلِدُ أَوِ اللَّسِنَةِ الْمُؤْذِيَةِ أَوِ الْمُبَذِّرَةِ بِمَالِ زَوْجِهَا سَفَاهَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَكَذَا الدَّارُ الْجَدْبَةُ أَوِ الضَّيِّقَةُ أَوِ الْوَبِيئَةُ الْوَخِيمَةُ الْمَشْرَبِ أَوِ السَّيِّئَةُ الْجِيرَانِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ, وَكَذَا الدَّابَّةُ الَّتِي لَا تَلِدُ وَلَا نَسْلَ لَهَا أَوِ الْكَثِيرَةُ الْعُيُوبِ الشَّيِّنَةُ الطَّبْعِ وَمَا فِي معنى ذلك, فهدا كُلُّهُ شَيْءٌ ضَرُورِيٌّ مُشَاهَدٌ مَعْلُومٌ لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ الْمَنْفِيَّةِ فإن ذلك أمر آخَرَ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا نَحْسٌّ عَلَى صَاحِبِهَا لِذَاتِهَا لَا لِعَدَمِ مَصْلَحَتِهَا وَانْتِفَائِهَا فَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا افْتَقَرَ لَيْسَ بِتَبْذِيرِهَا بَلْ لِنَحَاسَتِهَا عَلَيْهِ, وَإِنَّهُ إِنْ يَأْخُذْهَا يَمُوتُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا عَلَيْهِ لَا بِسَبَبٍ مَحْسُوسٍ, بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ لَهَا نَجْمًا لَا يُوَافِقُ نَجْمَهُ بَلْ يَنْطَحُهُ وَيَكْسِرُهُ, وَذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ يُوحِيهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] وقال الله تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الْأَعْرَافِ: 127] .

حَتَّى إِنَّ رَجُلًا فِي زَمَانِنَا هَذَا كَانَ يُشَعْوِذُ عَلَى النَّاسِ بِذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ, فَتَنَبَّهَ لَهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ مِمَّنْ يَحْضُرُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَيَسْمَعُ ذَمَّ الْمُنَجِّمِينَ وَتَكْذِيبِهِمْ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً, مَا تَرَى فِيهَا هَلْ هِيَ سَعْدٌ لِي أَوْ نَحْسٌ عَلَيَّ؟ فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى قَوَاعِدِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: دَعْهَا فَإِنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا لَا تُبْلِيَ مَعَهَا ثَوْبًا, يَعْنِي يَمُوتُ سَرِيعًا لَا تَطُولُ مَعَهَا صُحْبَتَهُ, وَكَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا وَسَمَّاهَا لَهُ هِيَ زَوْجَتُهُ وَقَدْ طَالَتْ صُحْبَتَهُ مَعَهَا وَلَهُ مِنْهَا نَحْوُ خَمْسَةٍ مِنَ الْأَوْلَادِ, فَدَعَاهُمْ كُلَّهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ حَتَّى حَضَرُوا فَقَالَ لَهُ: هَؤُلَاءِ أَوْلَادِي مِنْهَا. وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ مِنْ خُرَافَاتِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015