وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ: "ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نُبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ, وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ" قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَقُلْتُ: "مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ" قَالَ: "أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ, وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ" 1 الْحَدِيثَ.
وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَخُطْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا وَأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنَ الْجَنَّةِ عُنْقُودًا فَقَصُرَتْ يَدُهُ عَنْهُ, وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ لَأَكَلُوا مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا, وَأَنَّهُ رَأَى النَّارَ، وَرَأَى فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ الَّذِي كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ, وَرَأَى فِيهَا عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ, وَرَأَى الْمَرْأَةَ التي تعذب في هِرَّةً حَبَسَتْهَا, وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ أَفْظَعَ" 2.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرَائِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَأَمَرَ بِالْجَنَّةِ فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ ارْجِعْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ قَالَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّارِ قَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ سَمِعَ بِهَا فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشَيْتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا" 3.