وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ عِنْدَ قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اسْتَصْرَخْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ, فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْبَعَثَ دَمًا1 وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ قَالَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ كَأَنَّمَا دُفِنُوا بِالْأَمْسِ2.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ نَادَى مُنَادِيهِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ بِأُحُدٍ فَلْيَشْهَدْ قَالَ جَابِرٌ فَحُفِرَ عَنْهُمْ فَوَجَدْتُ أَبِي فِي قَبْرِهِ كَأَنَّمَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى هَيْئَتِهِ وَوَجَدْنَا جَارَهُ فِي قَبْرِهِ -عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ- وَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ, فَأُزِيلَتْ عَنْهُ فَانْبَعَثَ جُرْحُهُ دَمًا وَيُقَالُ إِنَّهُ فَاحَ مِنْ قُبُورِهِمْ مِثْلَ رِيحِ الْمِسْكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ, وَذَلِكَ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ دُفِنُوا3 وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ.
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَاكَ عَجَبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا وَفِيهِ "وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا سَيَبْلَى, إِلَّا عَظْمًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ, وَمِنْهُ يُرَّكَبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 4.
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِ قَرِيبًا مِنَ الْآيَاتِ الصَّرِيحَةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَيْسَتْ هِيَ مُطْلَقَ حَيَاةِ الْجِسْمِ الْعَارِضَةِ, بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ أُخْرَى مُسْتَقِلَّةٌ يَعْمُرُ الْجَسَدُ بِحُلُولِهَا.