وَبَعْدُ إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدْ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدْ
بِالْحَقِّ مَأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمَنِ ... مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
"وَبَعْدُ" هُوَ ظَرْفٌ زَمَانِيٌّ يُؤْتَى بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَفَصْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ وَيُبْنَى عَلَى الضَّمِّ لِقَطْعِهِ عَنِ الْإِضَافَةِ وَيُغْنِي عَنْ إِعَادَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ "إِنِّي بِالْيَقِينِ" الْقَاطِعِ الْجَازِمِ بِدُونِ شَكٍّ وَلَا تَرَدُّدٍ "أَشْهَدْ شَهَادَةَ" مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ "الْإِخْلَاصِ" مُضَافٌ إِلَى شَهَادَةَ مِنْ إضافة الموصوف إلى الصِّفَةِ "أَنْ" مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَسْتَكِنٌّ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ, وَالْخَبَرُ "لَا يُعْبَدْ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ "بالحق" يتعلق بيعبد "مَأْلُوهٌ" نائب الفاعل ليعبد وَمَعْنَاهُ مَعْبُودٌ "سِوَى" أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ بِمَعْنَى إِلَّا "الرَّحْمَنِ" أَيْ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ, وَالتَّقْيِيدُ بِحَقٍّ يُخْرِجُ بِهِ الْآلِهَةَ الْمَعْبُودَةَ بِبَاطِلٍ فَإِنَّهَا قَدْ عُبِدَتْ. وَالْمَنْفِيُّ هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْعِبَادَةِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا وُقُوعُهَا, وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ فِي النَّظْمِ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِهَا نَظَمْتُهَا بِمَعْنَاهَا وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَسْطُ الْقَوْلِ فِي تَفْسِيرِهَا