وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْكُمْ مَا أَطَقْتُمُوهُ, وَلَوْ تَرَكْتُمُوهُ لَكَفَرْتُمْ"1. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ تَارِكَ الزَّكَاةِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ, وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ كُفْرٌ دُونَ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: الْمُرْجِئَةُ سَمَّوْا تَرْكَ الْفَرَائِضِ ذَنْبًا بِمَنْزِلَةِ رُكُوبِ الْمَحَارِمِ وَلَيْسَ سَوَاءً؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمَحَارِمِ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ مَعْصِيَةٌ, وَتَرْكَ الْفَرَائِضِ مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَلَا عُذْرٍ كُفْرٌ, وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي أَمْرِ إِبْلِيسَ, وَعُلَمَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِبَعْثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلِسَانِهِمْ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِشَرَائِعِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ: يُقْتَلُ أَمْ لَا؟
الْأَوَّلُ: هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى, وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 2 الْحَدِيثَ.
وَالثَّانِي: لَا يُقْتَلُ, وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَرَوَى اللَّالَكَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُؤَمَّلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْبَكْرِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا رفعه قال: "عرا الْإِسْلَامِ وقواعد الدين ثلاث عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ, مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ وَيَحِلُّ دَمُهُ" وَتَجِدُهُ كَثِيرَ الْمَالِ لَمْ يَحُجَّ فَلَا يَزَالُ بِذَلِكَ كَافِرًا وَلَا يَحِلُّ بِذَلِكَ دَمُهُ, وَتَجِدُهُ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَا يُزَكِّي فَلَا يَزَالُ بِذَلِكَ كَافِرًا وَلَا يَحِلُّ دَمُهُ. وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَرْفُوعًا, وَقَالَ: مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً -يَعْنِي الثَّلَاثَ الْأُوَلَ- فَهُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَقَدْ حَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ, وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ3.