عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ1.

وَمِنْهَا مَا فِيهِ التَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ, كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [التَّوْبَةِ: 5] الْآيَةَ, وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ" 2 الْحَدِيثَ, وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.

وَأَمَّا الْآثَارُ فِي شَأْنِهَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ, وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ كُفْرًا إِذَا كَانَ تَرْكُهُ الصَّلَاةَ عَنْ جُحُودٍ لِفَرْضِيَّتِهَا أَوِ اسْتِكْبَارٍ عَنْهَا وَإِنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ, وَلِدُخُولِهِ فِي التَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ, وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" 3, فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ مُرْتَدًّا مُبَدِّلًا لِدِينِهِ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ تَرْكُهُ لَهَا لَا لِجُحُودٍ وَلَا لِاسْتِكْبَارٍ بَلْ لِنَوْعِ تَكَاسُلٍ وَتَهَاوُنٍ كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ؛ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ, بَلْ يَفْسُقُ وَيُسْتَتَابُ, فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ, وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ, وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ, وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ, وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ, وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ, بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ. قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِكُفْرِهِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015