وَلْنَذْكُرْ طَرَفًا مِنَ النُّصُوصِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّلَاةِ عَلَى انْفِرَادِهَا, ثُمَّ نَذْكُرُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ نُصُوصِ الزَّكَاةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[فَضْلُ الصَّلَاةِ] :
اعْلَمْ هَدَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى جُلِّ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ مِنَ الِاعْتِقَادِ بِالْقَلْبِ وَالِانْقِيَادِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِسْلَامِ الْوَجْهِ لَهُ وَالصُّمُودِ إِلَيْهِ وَالِاطِّرَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ, وَعَلَى أَقْوَالِ اللِّسَانِ وَأَعْمَالِهِ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْأَدْعِيَةِ وَالتَّعَوُّذِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِغَاثَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالِاعْتِذَارِ مِنَ الذَّنْبِ إِلَيْهِ وَالْإِقْرَارِ بِالنِّعَمِ لَهُ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ, وَعَلَى عَمَلِ الْجَوَارِحِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, هَذَا مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الشَّرَائِطِ وَالْفَضَائِلِ -مِنْهَا الطَّهَارَةُ الْحِسِّيَّةُ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ الْحِسِّيَّةِ, وَالْمَعْنَوِيَّةُ مِنَ الْإِشْرَاكِ وَالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَسَائِرِ الْأَرْجَاسِ- وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَنَقْلُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَجْتَمِعُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" 1 وَلِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَعَانِي الْإِيمَانِ سَمَّاهَا اللَّهُ إِيمَانًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 143] .
وَهِيَ ثَانِيَةُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فِي الْفَرْضِيَّةِ, فَإِنَّهَا فُرِضَتْ فِي لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ عَشْرٍ مِنَ الْبِعْثَةِ لَمْ يَدْعُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَهَا إِلَى شَيْءٍ غَيْرِ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ, فَفُرِضَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ خَفَّفَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَمْسٍ كَمَا تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا, وَهِيَ ثَانِيَةٌ فِي الذِّكْرِ فَمَا ذُكِرَتْ