السِّحْرَ قُلْنَا لَهُ: صِفْ لَنَا سِحْرَكَ, فَإِنَّ وَصَفَ مَا يُوجِبُ الْكُفْرَ مِثْلَ مَا اعْتَقَدَهُ أَهْلُ بَابِلَ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ وَأَنَّهَا تَفْعَلُ مَا يُلْتَمَسُ مِنْهَا فَهُوَ كَافِرٌ, وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ فَإِنِ اعْتَقَدَ إِبَاحَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَهَلْ يُقْتَلُ بِمُجَرَّدِ فِعْلِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: نَعَمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا فَأَمَّا إِنْ قتل بسحره إنسان فَإِنَّهُ يُقْتَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ, وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فِي حَقِّ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَإِذًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا عِنْدَهُمْ إِلَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: يُقْتَلُ والحالة هذه قصاص قَالَ: وَهَلْ إِذَا تَابَ السَّاحِرُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ: لَا تُقْبَلُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ: تُقْبَلُ, وَأَمَّا سَاحِرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا, وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُقْتَلُ, يُعْفَى لِقِصَّةِ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْلِمَةِ السَّاحِرَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَلَكِنْ تُحْبَسُ, وَقَالَ الثَّلَاثَةُ: حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّجُلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ1. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- عُمَرُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: يُقْتَلُ سَاحِرُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرُ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَحَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ فَلَمْ يَقْتُلْهَا2. وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ فِي الذِّمِّيِّ: يُقْتَلُ إِنْ قَتَلَ سِحْرُهُ3. وَحَكَى ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَيْنِ فِي الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ أَحَدًا: الْأُولَى أنه يستتاب إن أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ, وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ. وَأَمَّا السَّاحِرُ الْمُسْلِمُ فَإِنْ تَضَمَّنَ سِحْرُهُ كُفْرًا كَفَرَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ, فَإِنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ وَجَاءَنَا تَائِبًا قَبِلْنَاهُ, فَإِنْ