تَبُوكَ1. وَقَالَتْ لَهُ أَمُّ أَنَسٍ: خُوَيْدِمُكَ أَنَسٌ, ادْعُ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ2. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي حياته الدنيا ما لَا يُحْصَى وَكَذَلِكَ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ يَسْأَلُ الْخَلَائِقُ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ, حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَذْهَبُ وَيَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ, إِلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ: "ارْفَعْ رَأْسَكَ, وَقُلْ يُسْمَعْ, وَسَلْ تُعْطَ, وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ" وَذَلِكَ إِذَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ الَّتِي وَعَدَهُ إِيَّاهَا كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ وَهُوَ ذَاهِبٌ لِلْعُمْرَةِ: "لَا تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِكَ" 3. وَكَذَلِكَ اسْتَسْقَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْعَبَّاسِ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا, وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا4. وَكَانَ مِنْ دُعَاءِ الْعَبَّاسِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يَنْزِلُ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ, وَلَا يُكْشَفُ إِلَّا بِتَوْبَةٍ, وَقَدْ تَوَجَّهَ بِي الْقَوْمُ إِلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبِيِّكَ, وَهَذِهِ أَيْدِينَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوبِ وَنَوَاصِينَا إِلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ, فَاسْقِنَا الْغَيْثَ. ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَارٍ, وَكَانَ ذَلِكَ الْجَدْبُ عَامَ الرَّمَادَةِ. وَكَذَلِكَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لَمَّا اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ -أَوْ نَتَوَسَّلُ- إِلَيْكَ بِخِيَارِنَا, يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ, فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا النَّاسُ حَتَّى سُقُوا5, فَكَانَ أَفْضَلُ الْقُرُونِ يَسْأَلُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ, وَيَلْتَمِسُونَ الصَّالِحِينَ مِنْهُمُ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ وَلَهُمْ, وَتَوَسُّلُهُمْ إِنَّمَا كَانَ بِدُعَائِهِمْ لَا