الْمَاءِ فَرْقَعَةً فَأَتَيْتُهُ فَنَادَيْتُهُ ثَلَاثًا, فَلَمْ يُجِبْنِي, فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَجَاءَ يَمْشِي فَخَاضَ الْمَاءَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ, قَالَ: فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنْهُ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا" قَالَ: فَقَامَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ, فَلْيُبَرِّكْ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ حق" 1. وله عند عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا حَسَدَ, وَالْعَيْنُ حَقٌّ" 2 وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ, وَسَنَذْكُرُ بَعْضَهَا أَيْضًا فِي شَرْعِيَّةِ الرُّقَى مِنْهَا وَغَيْرِهَا.

وَلْنَرْجِعْ إِلَى الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْحِ الْمَتْنِ: "فَإِنْ تَكُنْ" أَيِ: الرُّقَى "مِنْ خَالِصِ الْوَحْيَيْنِ" الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَإِضَافَةُ خَالِصٍ إِلَى الْوَحْيَيْنِ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ, وَالْمَعْنَى: مِنَ الْوَحْيِ الْخَالِصِ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ غَيْرُهُ من شعوذة المشعوذين, وَلَا يَكُونَ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ, بَلْ يَتْلُو الْآيَاتِ عَلَى وَجْهِهَا وَالْأَحَادِيثَ كَمَا رُوِيَتْ وَعَلَى مَا تُلُقِّيَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَا همز ولا لمز, "فَذَلِكَ" أَيِ: الرُّقَى مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ "مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ "وَ" مِنْ "شِرْعَتِهِ" الَّتِي جَاءَ بِهَا مُؤَدِّيًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. "وَذَاكَ" مَعْطُوفٌ عَلَى ذَاكَ الْأَوَّلِ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِهِمَا وَاحِدٌ وَلَكِنَّ الْخَبَرَ فِي الثَّانِي غَيْرُ الْخَبَرِ فِي الْأَوَّلِ, فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ, وَالْخَبَرُ: "لَا اخْتِلَافَ فِي سُنِّيَّتِهِ" بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ إِذْ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِهِ وَتَقْرِيرِهِ, فَرَقَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَرَقَى هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ وَأَمَرَ بِهَا وَأَقَرَّ عَلَيْهَا. وَلْنَذْكُرْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ, وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ:

قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: بَابُ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ, وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015