وَفِي لَفْظٍ: "وَغَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ" 1. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِأَكْثَمَ بْنِ الْجَوْفِ الْخُزَاعِيِّ: "يَا أَكْثَمُ, رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمْعَةَ بْنِ خِنْدَفٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ, فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِرَجُلٍ مِنْكَ بِهِ, وَلَا بِكَ مِنْهُ" فَقَالَ أَكْثَمُ: عَسَى أَلَّا يَضُرَّنِي شَبَهُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "لَا إِنَّكَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ كَافِرٌ, إِنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ, فَنَصَبَ الْأَوْثَانَ وَبَحَّرَ الْبَحِيرَةَ وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ وَحَمَى الْحَامِي" 2. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ, فَلَمَّا قَدِمَ مُآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ -وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْعَمَالِيقُ وَهُمْ وَلَدُ عِمْلَاقٍ وَيُقَالُ: عَمْلِيقُ بْنُ لَاوَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ- رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ الَّتِي أَرَاكُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا لَهُ: هَذِهِ الْأَصْنَامُ نَعْبُدُهَا فَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا, وَنَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا. فَقَالَ لَهُمْ: أَفَلَا تُعْطُونَنِي مِنْهَا صَنَمًا فَأَسِيرُ بِهِ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ فَيَعْبُدُونَهُ؟ فَأَعْطَوْهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ: هُبَلُ, فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَصَبَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ3. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاتَّخَذُوا إِسَافًا وَنَائِلَةَ عَلَى مَوْضِعِ زَمْزَمٍ يَنْحَرُونَ عِنْدَهُمَا, وَكَانَ إِسَافٌ وَنَائِلَةُ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ هُوَ إِسَافُ بْنُ بَغِيٍّ وَنَائِلَةُ بِنْتُ دِيكٍ فَوَقَعَ إِسَافُ عَلَى نَائِلَةَ فِي الْكَعْبَةِ, فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ4. قَالَ: وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ ... بِمُفْضِي السُّيُولِ مِنْ إِسَافٍ وَنَائِلِ
وَاتَّخَذُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ صَنَمًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ لَخَوْلَانَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ: عَمُّ أَنَسٍ بِأَرْضِ خَوْلَانَ, يُقْسِمُونَ لَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَمِنْ أَنْعَامِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ قِسْمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِزَعْمِهِمْ, فَمَا دَخَلَ فِي حَقِّ عَمِّ أَنَسٍ مِنْ حَقِّ اللَّهِ