فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَمَا أَسْلَمْتُ, فَأَمَرَنِي أَنْ أُوفِيَ بِنَذْرِي, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ1. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ, وَذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي ذَكَرَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَعْدَ قرنه "ثم يجيء قَوْمٌ يَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ, وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ, وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ, وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ" 2. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا3, وَلَعَلَّهُ هُوَ النَّذْرُ الَّذِي فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مُبْهَمًا فَسَّرَتْهُ رِوَايَةُ الصَّحِيحِ, وَفِي حَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ وَإِنَّهَا مَاتَتْ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دِينٌ أَكَنْتَ قَاضِيَهُ"؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: "فَاقْضِ اللَّهَ؛ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ" 4 وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَمْرِ بِوَفَاءِ النَّذْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْ شَرْطِ النَّذْرِ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ طَاعَةً, وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُطِيقُهُ الْعَبْدُ, وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَمْلِكُ, وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ يُعْبَدُ فِيهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ ذَرِيعَةً إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى, وَلِمَنْ كَانَ مُعَلِّقًا بِحُصُولِ شَيْءٍ فَلَا يَعْتَقِدُ النَّاذِرُ تَأْثِيرَ النَّذْرِ فِي حُصُولِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ" الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ5 وَكَذَا حَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الثَّانِي