هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ" فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ على هذا شيئا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سره أن ينطر إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا" 1.
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَّةِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَايِعَهُ فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنْ أُقِيمَ الصلاة وأن أؤتي الزَّكَاةَ وَأَحُجَّ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَنْ أَصُومَ رَمَضَانَ وَأَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا اثْنَتَيْنِ فَوَاللَّهِ مَا أُطِيقُهُمَا: الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ. فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ ثُمَّ حَرَّكَهَا وَقَالَ: "فَلَا جِهَادَ وَلَا صَدَقَةَ فَبِمَ تدخل الجنة إذن"؟! قُلْتُ: أُبَايِعُكَ فَبَايَعْتُهُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ2. فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ شَرْطٌ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ مَعَ حُصُولِ التَّوْحِيدِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ, وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَفَهِمَ عُمَرُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ مَنْ أَتَى الشَّهَادَتَيْنِ امْتَنَعَ مِنْ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ, فَتَوَقَّفُوا فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ. وَفَهِمَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ قِتَالُهُ إِلَّا بِأَدَاءِ حُقُوقِهَا؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا, وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" وَقَالَ: الزَّكَاةُ حَقُّ الْمَالِ. وَهَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَرِيحًا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَغَيْرُهُمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ, وَأَنَّهُ قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ