أَضْعَافِ النَّاسِ فَافْتَرَقَ النَّاسُ فَأَخَذَتْهُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا فَلَمْ تَزَلْ تَتَخَبَّطُهُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْتَعْدُونَ وَرَاءَ سَعْدٍ يَقُولُونَ: اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ1. وَعَنْ مُصْعَبٍ نَحْوُهُ. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ الْمُسَيَّبِ نَحْوَهُ2، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ إِنْكَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ آمِينَ.
فَصْلٌ:
ثُمَّ تَنْقَسِمُ الْبِدَعُ بِحَسَبِ مَا تَقَعُ فِيهِ إِلَى:
بِدْعَةٍ فِي الْعِبَادَاتِ.
وَبِدْعَةٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ.
فَالْبِدَعُ فِي الْعِبَادَاتِ قِسْمَانِ أَيْضًا:
الْأَوَّلُ: التَّعَبُّدُ بِمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْبَدَ بِهِ الْبَتَّةَ، كَتَعَبُّدِ جَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ بِآلَاتِ اللَّهْوِ وَالرَّقْصِ وَالصَّفْقِ وَالْغِنَاءِ وَأَنْوَاعِ الْمَعَازِفِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا هُمْ فِيهِ مُضَاهِئُونَ فِعْلَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الْأَنْفَالِ: 35] .
وَالثَّانِي: التَّعَبُّدُ بِمَا أَصْلُهُ مَشْرُوعٌ وَلَكِنْ وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، كَكَشْفِ الرَّأْسِ مَثَلًا هُوَ فِي الْإِحْرَامِ عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ، فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ فِي الصَّوْمِ أَوْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا بِنِيَّةِ التَّعَبُّدِ كَانَ بِدْعَةً مُحَرَّمَةً، وَكَذَلِكَ فِعْلُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَتْ فِيهِ كَصَلَوَاتِ النَّفْلِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَكَصِيَامِ الشَّكِّ وَالْعِيدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي رَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ" 3.