وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ, قَوْمٌ يُحِبُّونَ الْقَتْلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ, يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ, يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ, لَا يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ, هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ, طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ, يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ, مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سِيمَاهُمُ؟ قَالَ: "التَّحْلِيقُ"1.
وَلَهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ وَالتَّسْبِيدُ, فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَيْتِمُوهُمْ" 2 قَالَ أَبُو دَاوُدَ: التَّسْبِيدُ اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ.
وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَمِّ الْخَوَارِجِ وَالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ وَالثَّنَاءِ عَلَى مُقَاتِلِيهِمْ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ.
"وَ" مُبِيدَ "كُلِّ خَبٍّ رَافِضِيٍّ فَاسِقٍ" الْخَبُّ الْخَدَّاعُ الْخَائِنُ, وَالرَّافِضِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى الرَّفْضِ وَهُوَ التَّرْكُ بِازْدِرَاءٍ وَاسْتِهَانَةٍ, سُمُّوا بِذَلِكَ لِرَفْضِهِمُ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3, وَزَعَمُوا أَنَّهُمَا ظَلَمَا عَلِيًّا وَاغْتَصَبُوهُ الْخِلَافَةَ وَمَنَعُوا فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَدَكَ, وَبِذَلِكَ يَحُطُّونَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ عَلَى عَائِشَةَ ثُمَّ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَهُمْ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ لَا كَثَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى, أَعْظَمَهُمْ غُلُوًّا وَأَسْوَأَهُمْ قَوْلًا وَأَخْبَثَهُمُ اعْتِقَادًا بَلْ وَأَخْبَثَ مِنَ الْيَهُودِ والنصارى هم السبئية أَتْبَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ الْيَهُودِيِّ قَبَّحَهُ اللَّهُ, كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِلَهِيَّةَ كَمَا يَعْتَقِدُ النَّصَارَى فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ, وَهُمُ الَّذِينَ أَحْرَقَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالنَّارِ, وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَالْمُسْنَدِ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ